Qabas Fi Sharh Muwatta
القبس في شرح موطأ مالك بن أنس
Baare
الدكتور محمد عبد الله ولد كريم
Daabacaha
دار الغرب الإسلامي
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٩٩٢ م
Noocyada
﵁، عليهم ما جاء فيها من الآثار ولا غنى للناظر عن معرفة الآثار كما لا بدّ له من العلم بالأخبار ليعلم كيف كان تلقي السلف للأحاديث وعلى أي وجه كان قبولهم لها، ويطلع من أي باب تولجوا إليها فلا منهج إلا منهاجهم، وهذه الحالة مشكلة جدًا ولأشكالها تقطع العلماء فيها أيادي سبأ (١)، ونحن نخرج لكم فيها عن ذخيرة يا طالما شددنا عليها الوكاء، ودافعنا عنه بالارجاء قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (٢)، وصلى النبيُّ ﷺ صلاته المعلومة ونقلها الناس جملة كأبي حميد الساعدي وأبي هريرة، ﵄، وغيرهما ونقلها أيضًا جماعة من الصحابة مفصلة، واجتمع البيان في كل طريق منها، والذي نقل عنه ﷺ، في هيئة الصلاة من الأفعال والأقوال ست وثلاثون خصلة.
اختلفت مناهج العلماء فيها على ثلاثة أنحاء:
المنحى الأول: أنها كلها واجبة.
المنحى الثاني: أن ما تضمنه القرآن منها واجب وما خرج عنه فهو مسنون.
المنحى الثالث: المقابلة بين الأقوال والأفعال فما تخلَّص منها إلى الوجوب أو السنة قضي به، وعلى ذلك بني مالك موطّأه وهو المنهج الأسد الأقصد بسطة وإيضاحه أن النبي، ﷺ قال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (٣) فوجب الانتهاء إلى هذا وتعين الاقتداء به، ثم نظرنا إلى جملة الست والثلاثين خصلة نظرًا جمليًا ومفصلًا. أما النظر الجملي فمن حديث أبي هُرَيْرَة وغيره: (أنَّ رَجُلًا دَخَلَ على النبي، ﷺ، في الْمَسْجِدِ فَصَلَّي ثُمَّ خَرَجَ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، ﷺ، وَعَلَيْكَ السَّلَام ارْجَعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلَّ إِلى أَنْ بَيَّنَ لَهُ فَقَالَ لَهُ تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ الله ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّر ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى
(١) هذا مثل عربي يقال: تَفَرَّفوا أَبدي سَبَأ وأَيَاديَ سَبَأ. تبدّدوا. ضرب المثل بهم لأنه لما غرق مكانهم وذهبت جناتهم تبدَّدوا في البلاد. ترتيب القاموس ٢/ ٥٠٤. (٢) سورة البقرة آية ٤٣. (٣) الحديث متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الآذان للمسافر ١/ ١٦٢، ومسلم في كتاب المساجد باب من أحق بالإمامة ١/ ٤٦٥، وأبو داود ١/ ١٦١، والترمذي ١/ ٣٩٩، والنسائي ٢/ ٩٠٨، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٢٠٦، والبغوي في شرح السنة ٢/ ٢٩٦، كلهم من رواية مالك بن الحويرث واللفظ هنا لفظ البخاري وابن خزيمة والبغوي والباقون رووه باختصار.
1 / 217