Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

Ahmad bin Nasser Al-Tayyar d. Unknown
99

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Daabacaha

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٤١ هـ

Goobta Daabacaadda

السعودية

Noocyada

الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنَّهُ تَكْلِيفٌ (^١)، كَمَا يُطْلِقُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِن الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ، وَإِنَّمَا جَاءَ ذِكْرُ التَّكْلِيفِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]. أَيْ: وإِن وَقَعَ فِي الْأَمْرِ تَكْلِيفٌ فَلَا يُكَلّفُ إلَّا قَدْرَ الْوُسْعِ، لَا أَنَّهُ يُسَمَّى جَمِيعُ الشَّرِيعَةِ تَكْلِيفًا، مَعَ أَنَّ غَالِبَهَا قُرَّةُ الْعُيُونِ، وَسُرُورُ الْقُلُوبِ، وَلَذَّاتُ الْأَرْوَاحِ، وَكَمَالُ النَّعِيمِ، وَذَلِكَ لِإرَادَةِ وَجْهِ اللهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَذِكْرِهِ وَتَوَجُّهِ الْوَجْهِ إلَيْهِ، فَهُوَ الْاِلَهُ الْحَقُّ الَّذِي تَطْمَئِن إلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ أَبَدًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]. الْأَصْلُ الثانِي: النَّعِيمُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَيْضًا، مِثْلُ النَّظَرِ إلَيْهِ لَا كَمَا يَزْعُمُ طَائِفَة مِن أَهْلِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِمْ أَنَّهُ لَا نَعِيمَ وَلَا لَذَّةَ إلَّا بِالْمَخْلُوقِ مِن الْمَأكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَنْكُوحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ بَل اللَّذَّةُ وَالنَّعِيمُ التَّامُّ فِي حَظِّهِمْ مِن الْخَالِقِ -سبحانة وتعالي-. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَيْسَ عِنْدَهُ لِلْعَبْدِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ، وَلَا عَطَاءٌ وَلَا مَنْعٌ، وَلَا هُدًى وَلَا ضَلَالٌ، وَلَا نَصْرٌ وَلَا خِذْلَانٌ، وَلَا خَفْضٌ وَلَا رَفْعٌ، وَلَا عِزّ وَلَا ذُلٌّ؛ بَل رَبُّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ، وَبَصَّرَة وَهَدَاهُ وَأسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمَهُ، فَإذَا مَسَّهُ اللهُ بِضرٍّ فَلَا يَكْشِفُهُ عَنْهُ غَيْرُهُ، وإِذَا أَصَابَهُ بِنِعْمَةٍ لَمْ يَرْفَعْهَا عَنْهُ سِوَاهُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضرُّهُ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ.

(^١) وقد اصطلح علماء الأصول المتأخرون على تقسيم أحكام الله إلى أحكام تكليفية وأحكام وضعية. وأصل كلمة تكليف: لا بأس بإطلاقه على بعض الأعمال الشرعية، لكن إطلاقه على الايمان غير صحيح، فعدم الايمان والإخلاص والتوحيد فيه كلفةٌ ومشقة. أما الايمان بالله وذكره وتوحيده فهو لذة وسعادة وراحة وهدى، ولكن من لوازم الايمان ما فيه كلفة مطاقة، كالصلاة والصيام والحج. ولذلك قال الصحابة حينما أنزل الله تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤]: كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ، وَقَد أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذ الآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا.

1 / 105