65

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Daabacaha

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٤١ هـ

Goobta Daabacaadda

السعودية

Noocyada

وَأَرْبَابِ الْأَحْوَالِ إنَّمَا تَوَجُّهُهُم إلَى اللهِ مِن جِهَةِ رُبُوبِيَّتِهِ (^١). [١٤/ ١٥] ٩٢ - مَا كَانَ كُفْرًا مِن الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ؛ كَالسُّجُودِ لِلْأَوْثَانِ، وَسَبِّ الرَّسُولِ وَنحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُسْتَلْزِمًا لِكُفْرِ الْبَاطِنِ، وَإلَّا فَلَو قُدِّرَ أنَّهُ سَجَدَ قُدَّامَ وَثَنٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِقَلْبِهِ السُّجُودَ لَهُ؛ بَل قَصَدَ السُّجُودَ للهِ بِقَلْبِهِ: لَمْ يَكُن ذَلِكَ كُفْرًا (^٢)، وَقَد يُبَاحُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَ مُشْرِكِينَ يَخَافُهُم عَلَى نَفْسِهِ فَيُوَافِقُهُم فِي الْفِعْلِ الظَّاهِرِ وَيقْصِدُ بِقَلْبِهِ السُّجُودَ للهِ. [١٤/ ١٢٠] ٩٣ - هَذَا التَّوْحِيدُ [تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ]: هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْمُوَحِّدِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَعَلَيْهِ يَقَعُ الْجَزَاءُ وَالثَّوَابُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، فَمَن لَمْ يَأْتِ بِهِ كَانَ مِن الْمُشْرِكِينَ الْخَالِدِينَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ. أَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ: فَقَد أَقَرَّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ مَعَ اللهِ غَيْرَهُ، ويُحِبُّونَهُم كَمَا يُحِبُّونَهُ فَكَانَ ذَلِكَ التَّوْحِيدُ -الَّذِي هُوَ تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ- حُجَّةً عَلَيْهِمْ، فَإذَا كَانَ اللهُ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، وَلَا خَالِقَ وَلَا رَازِقَ إلَّا هُوَ، فَلِمَاذَا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ مَعَهُ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِم خَلْقٌ وَلَا رِزْقٌ، وَلَا بِيَدِهِ لَهم مَنْعٌ وَلَا عَطَاءٌ؛ بَل هُوَ عَبْدٌ مِثْلُهُم لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا؟ فَإِنْ قَالُوا لِيَشْفَعَ! فَقَد قَالَ اللهُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] فَلَا يَشْفَعُ مَن لَهُ شَفَاعَةٌ -مِن الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ- إلَّا بِإِذْنِهِ. [١٤/ ٣٨٠]

(^١) وهذا ما يسلكُه كثيرٌ من أهل الدعوة وفقهم الله تعالى، فهم يبدؤون ويفتتحون دعوتهم للناس بتقرير توحيد الربوبية، فيقول: الله هو الذي خلقك ورزقك، وهو العظيم الكريم، وهو الذي يمدنا بالنعم، ويُسبغ علينا عظيم الجود والكرم، والذي له هذه الصفات هو من يستحق أنْ يُعبد ويُدعى، ونحو هذا، والشيخ ذكر بأن دعوة الرسل تكون بتقرير توحيد الألوهية أولًا؛ فجميعهم قال: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره". (^٢) وهذا يُؤكد أنّ مُوالاة الكفار في الظاهر ليس كفرًا إلا إذا والاهم في الباطن، بأنْ أحب انتصارهم على المسلمين المظلومين، وكره انتصار الحق على الباطل.

1 / 71