Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Daabacaha
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٤١ هـ
Goobta Daabacaadda
السعودية
Noocyada
غَيْرِهِمْ بَعْضَ مَا فِيهِمْ مِن حَقِّ وَبَاطِلٍ، وَأَحْوَالِهِم الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْإِشَارَاتِ، وَتَابَ مِنْهُم جَمَاعَة، وَأُدِّبَ مِنْهُم جَمَاعَةٌ مِن شُيُوخِهِمْ، وَبَيَّنْت صُورَةَ مَا يُظْهِرُونَهُ مِن المخاريق: مِثْل مُلَابَسَةِ النَّارِ وَالْحَيَّاتِ وَإِظْهَارِ الدَّمِ وَاللَّاذَنِ وَالزعْفَرَانِ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِنَّ عَامَّةَ ذَلِكَ عَن حِيَلٍ مَعْرُوفَةٍ وَأَسْبَاب مَصْنُوعَةٍ، وَأَرَادَ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْهُم قَوْمٌ إظْهَار ذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَوْا مُعَارَضَتِي لَهُم رَجَعُوا وَدَخَلُوا عَلَى أَنْ أَسْتُرَهُم فَأَجَبْتهمْ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ، حَتَّى قَالَ لِي شَيْخٌ مِنْهُم فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ فِيهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ بِبَعْضِ الْبَسَاتِينِ لَمَّا عَارَضْتهمْ بِأَنِّي أَدْخُلُ مَعَكُم النَّارَ بَعْدَ أَنْ نَغْتَسِلَ بِمَا يُذْهِبُ الْحِيلَةَ، وَمَن احْتَرَقَ كَانَ مَغْلُوبًا، فَلَمَّا رَأَوْا الصِّدْقَ أَمْسَكُوا عَن ذَلِكَ.
وَحَكَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَنَّهُ كَانَ مَرَّةً عِنْدَ بَعْضِ أُمَرَاءِ التتر بِالْمَشْرِقِ، وَكَانَ لَهُ صَنَمٌ يَعْبُدُهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: هَذَا الصَّنَمُ يَأْكُلُ مِن هَذَا الطَّعَامِ كُلَّ يَوْمٍ وَيبْقَى أَثَرُ الْأَكْلِ فِي الطَّعَامِ بَيِّنًا يُرَى فِيهِ، فَأَنْكَرْت ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: إنْ كَانَ يَأْكُلُ أَنْتَ تَمُوتُ؟ فَقُلْت: نَعَمْ، قَالَ: فَأَقَمْت عِنْدَهُ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الطَّعَامِ أَثَرٌ، فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ التتري وَأَقْسَمَ بِأَيْمَان مُغَلَّظَةٍ أَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يُرَى فِيهِ أَثَرُ الْأَكْلِ، لَكِنَّ الْيَوْمَ بِحُضُورِك لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ.
فَقُلْت لِهَذَا الشَّيْخِ: أَنَا أُبَيِّنُ لَك سَبَبَ ذَلِكَ، ذَلِكَ التتري كَافِرٌ مُشْرِكٌ، وَلصَنَمِهِ شَيْطَانٌ يُغْوِيه بِمَا يُظْهِرُهُ مِن الْأَثَرِ فِي الطَّعَامِ، وَأَنْتَ كَانَ مَعَك مِن نُورِ الْإِسْلَامِ وَتَأْيِيدِ اللهِ تَعَالَى مَا أَوْجَبَ انْصِرَافَ الشَّيْطَانِ عَن أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِحُضُورِك، وَأَنْتَ وَأَمْثَالُك بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصِ كالتتري بِالنِّسْبَةِ إلَى أَمْثَالِك، فالتتري وَأَمْثَالُهُ سُودٌ، وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ الْمَحْضِ بِيضٌ، وَأَنْتُمْ بُلْقٌ فِيكُمْ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، فَأَعْجَبَ هَذَا الْمَثَلُ مَن كَانَ حَاضِرًا.
ثُمَّ ذُكِرَ لِي أَنَّهُ جَاءَهُم بَعْضُ أَكَابِرِ غِلْمَانِ الْمُطَاعِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِن
1 / 55