Prayer of the Traveler = Travel and its Rulings in Light of the Quran and Sunnah
صلاة المسافر = السفر وأحكامه في ضوء الكتاب والسنة
Daabacaha
مطبعة سفير
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
٣٤
سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني
_
صلاة المسافر
مفهوم، وأنواع، وآداب، ودرجات، وأحكام
في ضوء الكتاب والسنة
Bog aan la aqoon
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في «صلاة المسافر» بيّنت فيها: مفهوم السفر والمسافر، وأنواع السفر، وآدابه، والأصل في قصر الصلاة في السفر، وأنه أفضل من الإتمام، ومسافة قصر الصلاة في السفر، وأن المسافر يقصر إذا خرج عن جميع عامر بيوت قريته، ومدى إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة، وقصر الصلاة في منى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج، وجواز التطوع على المركوب
1 / 3
في السفر، وأن السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر، وحكم صلاة المقيم خلف المسافر، والمسافر خلف المقيم، وحكم نية القصر والجمع والموالاة بين الصلاتين المجموعتين، ورخص السفر، وأحكام الجمع، وأنواعه، ودرجاته، سواء كان ذلك في السفر أو الحضر، وقد استفدت كثيرًا من تقريرات وترجيحات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ﵀ ورفع درجاته في جنات النعيم.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مقبولًا عنده، مباركًا، خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم، وبارك على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر في ليلة السبت الموافق ٢٩/ ١٢/١٤٢١هـ
1 / 4
أولًا: مفهوم السفر، والمسافر: السُّفْرُ: جمع سافر، والمسافرون: جمع مسافر، والسفر والمسافرون بمعنىً. وسُمِّي المسافر مسافرًا؛ لكشفه قناع الكنِّ عن وجهه، ومنازل الحضَرِ عن مكانه، ومنزل الخفض عن نفسه، وبروزه إلى الأرض الفضاء، وسمي السفر سفرًا؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافيًا منها (١)، فظهر أن السفر: قطع المسافة؛ سمي بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، ومنه قولهم: سفرت المرأة عن وجهها: إذا أظهرته، والسفر هو الخروج عن عمارة موطن الإقامة قاصدًا مكانًا يبعد مسافة يصحُّ فيها قصر الصلاة (٢).
ثانيًا: أنواع السفر على النحو الآتي:
١ - سفرٌ حرام، وهو أن يسافر لفعل ما حرمه الله أو
_________
(١) لسان العرب لابن منظور، باب الراء، فصل السين،٤/ ٣٦٨. وقيل: السفر لغة: قطع المسافة، وشرعًا: هو الخروج على قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوقها بسير الإبل ومشي الأقدام. التعريفات للجرجاني، ص١٥٧، وقال: المسافر: هو من قصد سيرًا وسطًا ثلاثة أيام ولياليها، وفارق بيوت بلده، التعريفات للجرجاني، ص٢٦٦.
(٢) معجم لغة الفقهاء، للدكتور محمد رواس، ص٢١٩.
1 / 5
حرمه رسوله ﷺ، مثل: من يسافر للتجارة في الخمر، والمحرمات، وقطع الطريق، أو سفر المرأة بدون محرم (١).
٢ - سفر واجب، مثل: السفر لفريضة الحج، أو السفر للعمرة الواجبة، أو الجهاد الواجب.
٣ - سفر مستحب، مثل: السفر للعمرة غير الواجبة، أو السفر لحج التطوع، أو جهاد التطوع.
٤ - سفر مباح، مثل: السفر للتجارة المباحة، وكل أمر مباح.
٥ - سفر مكروه، مثل: سفر الإنسان وحده بدون رفقة إلا في أمر لابد منه (٢)؛ لقوله ﷺ:» لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده» (٣).
فهذه أنواع السفر التي ذكرها أهل العلم، فيجب على كل مسلم أن لا يسافر إلى سفر محرم، وينبغي له أن لا
_________
(١) انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١١٥،والشرح الممتع لابن عثيمين ﵀،٤/ ٤٩٢.
(٢) انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١١٤ - ١١٧، والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين،
٤/ ٤٩١ - ٤٩٢.
(٣) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب السير وحده، برقم ٢٩٩٨، من حديث ابن عمر ﵄.
1 / 6
يتعمد السفر المكروه، بل يقتصر في جميع أسفاره على السفر الواجب، والمستحب، والمباح (١).
ثالثًا: آداب السفر والعمرة والحج:
الآداب التي ينبغي للمسافر والمعتمر والحاج المسافر معرفتها والعمل بها؛ ليحصل على عمرة مقبولة، ويُوفَّق
_________
(١) اختلف العلماء في نوع السفر الذي تختص به رخص السفر: من القصر، والجمع، والفطر، والمسح على الخفين والعمائم ثلاثة أيام، والصلاة على الراحلة تطوعًا على أقوال:
١ - فقيل: رخص السفر: من القصر، والجمع، والفطر في رمضان، والمسح ثلاثًا، والصلاة على الراحلة تطوعًا تكون في السفر الواجب، والمندوب، والمباح، أما السفر المحرم والمكروه فلا تباح فيه هذه الرخص.
٢ - وقيل: لا يقصر إلا في الحج والعمرة والجهاد؛ لأن الواجب لا يترك إلا لواجب، أما السفر المباح والمحرم والمكروه فلا.
٣ - وقيل لا يقصر إلا في سفر الطاعة؛ لأن النبي ﷺ إنما قصر في سفر واجب أو مندوب.
٤ - وذهب الإمام أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه يجوز القصر حتى في السفر المحرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعًا في جنس السفر ولم يخص سفرًا دون سفر، وهذا القول هو الصحيح، فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر». مجموع الفتاوى،
٢٤/ ١٠٩، وانظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١١٥ - ١١٧، والأخبار العلمية، من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص١١٠، والكافي لابن قدامة، ١/ ٤٤٧، والشرح الكبير المطبوع مع المقنع، ٥/ ٣٠، والإنصاف للمرداوي المطبوع مع الفتح والشرح الكبير،٥/ ٣٤،والشرح الممتع لابن عثيمين،٤/ ٤٩٣، والفتاوى له، ١٥/ ٢٦٠، ٢٧٤ - ٢٨١.
1 / 7
لحج مبرور، وسفر مبارك آداب كثيرة منها: آداب واجبة وآداب مستحبة، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآداب الآتية:
١ - يستخير الله سبحانه في الوقت، والراحلة، والرفيق، وجهة الطريق إن كثرت الطرق، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح. أما الحج؛ فإنه خير لا شك فيه. وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد (١).
٢ - يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى، والتقرب إليه، وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا أو المفاخرة، أو حيازة الألقاب، أو الرياء والسمعة؛ فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله. قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٢). ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا
_________
(١) انظر الاستخارة في البخاري، ٧/ ١٦٢، وحصن المسلم، ص٤٥، للمؤلف.
(٢) سورة الأنعام، الآيتان: ١٦٢، ١٦٣.
1 / 8
إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (١). والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة؛ ولهذا قال الله ﷿: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ (٢)، وفي الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (٣).
وقد خاف النبي ﷺ على أمته من الشرك الأصغر فقال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» فسُئل عنه فقال: «الرياء» (٤). وقال ﷺ: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به» (٥). قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ
_________
(١) سورة الكهف، الآية: ١١٠.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ١٨.
(٣) مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم ٢٩٨٥.
(٤) أحمد في المسند،٥/ ٤٢٨ وحسنه الألباني في صحيح الجامع،٢/ ٤٥.
(٥) متفق عليه من حديث جندب ﵁: البخاري، كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، برقم ٦٤٩٩، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم ٢٩٨٧.
1 / 9
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة﴾ (١).
٣ - على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج، وأحكام السفر قبل أن يسافر: من القصر، والجمع، وأحكام التيمم، والمسح على الخفين، وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك قال ﷺ: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (٢).
٤ - التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، سواء كان حاجًّا أو معتمرًا، أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها، والندم على فعل ما مضى منها، والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عنده للناس مظالم ردّها وتحللهم منها، سواء كانت: عرضًا أو مالًا، أو غير ذلك من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم
_________
(١) سورة البينة، الآية: ٥.
(٢) البخاري، من حديث معاوية ﵁، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، برقم ٧١.
1 / 10
يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه (١).
٥ - على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيّبًا؛ ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء (٢)، وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به (٣).
٦ - يستحب للمسافر أن يكتب وصيته، وما له وما عليه فالآجال بيد الله تعالى: ﴿إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (٤)، وقال ﷺ: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة
_________
(١) انظر: سورة النور، الآية: ٣١، والبخاري، كتاب الرقاق، باب القصاص يوم القيامة، برقم ٦٥٣٤، ٦٥٣٥.
(٢) انظر: صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، برقم ١٠١٥.
(٣) أبو نعيم في الحلية بنحوه، ١/ ٣١، وأحمد في الزهد بمعناه، ص١٦٤ وفي المسند،
٣/ ٣٢١، والدارمي، ٢/ ٢٢٩، وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح الجامع،
٤/ ١٧٢، وانظر: فتح الباري، ٣/ ١١٣.
(٤) سورة لقمان، الآية: ٣٤.
1 / 11
عنده» (١). ويشهد عليها، ويقضي ما عليه من الديون، ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها.
٧ - يستحب للمسافر أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ الله وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لله مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ الله غَنِيًّا حَمِيدًا﴾ (٢).
٨ - يستحب للمسافر أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح، ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي؛ فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في سفره وفي حجه وعمرته؛ لقول النبي ﷺ «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (٣)؛ولقوله ﷺ «لا
_________
(١) متفق عليه من حديث ابن عمر ﵄: البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم ٢٧٣٨، ومسلم، كتاب الوصية، برقم ١٦٢٧.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٣١.
(٣) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم ٤٨٣٣، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٣/ ١٨٨.
1 / 12
تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي» (١)، وقد مثل النبي ﷺ الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير (٢).
٩ - يستحب للمسافر أن يودع أهله، وأقاربه، وأهل العلم: من جيرانه، وأصحابه، قال ﷺ: «من أراد سفرًا فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه» (٣)، وكان النبي ﷺ يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرًا فيقول: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك» (٤)، وكان ﷺ يقول لمن طلب منه أن يوصيه من
_________
(١) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم ٤٨٣٢، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في صحبة المؤمن، برقم ٢٣٩٥، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم ٤٨٣٢، وصحيح الترمذي، برقم ٢٥١٩.
(٢) متفق عليه من حديث أبي موسى ﵁: البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، برقم ٥٥٣٤، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء، برقم ٢٦٢٨.
(٣) أحمد، ٢/ ٤٠٣، ابن ماجه، الجهاد، باب تشييع الغزاة ووداعهم، برقم ٢٨٢٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٦، ٢٥٤٧، وصحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ١٣٣.
(٤) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الدعاء عند الوداع، برقم ٢٦٠٠، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ودع إنسانًا، برقم ٣٤٤٢، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، ٣/ ١٥٥.
1 / 13
المسافرين: «زوَّدك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسَّر لك الخير حيثُ ما كنتَ» (١). وجاء رجل إلى النبي ﷺ يريد سفرًا فقال: يا رسول الله أوصني، فقال: «أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف»، فلما مضى قال: «اللهم ازوِ له الأرض، وهوِّن عليه السفر» (٢).
١٠ - لا يصطحب معه الجرس والمزامير والكلب في السفر؛ لحديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس» (٣). وعنه ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «الجرس مزامير الشيطان» (٤).
_________
(١) الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا ودع إنسانًا، برقم ٣٤٤٤، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي، ٣/ ٤١٩: «حسن صحيح».
(٢) الترمذي، كتاب الدعوات، باب منه وصيته ﷺ المسافر بتقوى الله والتكبير على كل شرف، برقم ٣٤٤٥ وابن ماجه، كتاب الجهاد، باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله، برقم ٢٧٧١. وأحمد، والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، ٣/ ١٥٦، وصحيح ابن ماجه، ٢/ ١٢٤، وصحيح ابن خزيمة، ٤/ ١٤٩.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، (برقم ٢١١٣).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب كراهة الكلب والجرس في السفر، (رقم ٢١١٤)، وأحمد في مسنده، (٢/ ٣٧٢)، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في تعليق الأجراس، (رقم ٢٥٥٦).
1 / 14
١١ - إذا أراد السفر بإحدى زوجاته إن كان له أكثر من واحدة أقرع بينهن فأي زوجة وقعت عليها القرعة خرجت معه؛ لحديث عائشة ﵂ قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» (١). وهذا هو السنة، إذا أراد أن يسافر ببعض نسائه، فالقرعة فيها راحة عظيمة (٢).
١٢ - يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار؛ لفعله ﷺ. قال كعب بن مالك ﵁: «لقلَّما كان رسول الله ﷺ يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس» (٣). ودعا لأمته ﷺ بالبركة في أول النهار فقال: «اللهم بارك
_________
(١) متفق عليه، البخاري، كتاب الهبة، باب هبة المرأة لغير زوجها، برقم ٢٥٩٣، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عائشة ﵂، برقم ٢٤٤٥.
(٢) سمعته من شيخنا الإمام ابن باز أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ٢٨٧٩.
(٣) البخاري، كتاب الجهاد، باب من أراد غزوة فورّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس، برقم ٢٩٤٨.
1 / 15
لأمتي في بكورها» (١).
١٣ - يستحبُّ له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه: «بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله (٢)، اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزلَّ أو أُزَلَّ، أو أظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجهلَ أو يُجهلَ عليَّ» (٣).
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر (رقم ٢٦٠٦)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في التبكير بالتجارة، (رقم ١٢١٢)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب ما يرجى من البركة في البكور، (رقم ٢٢٣٦)، وأحمد في مسنده، (١/ ١٥٤، ٣/ ٤١٦)، قال أبو عيسى: حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ٢/ ٤٩٤، وصحيح الترمذي، ٢/ ٧ - ٨.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم ٥٠٩٥)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم ٣٤٢٦)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح الترمذي،
٣/ ٤١٠، وصحيح أبي داود، ٣/ ٩٥٩.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، (رقم ٥٠٩٤)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، (رقم ٣٤٢٧)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من دعاء لا يستجاب، (رقم ٥٥٣٦)، وابن ماجه في كتاب الدعوات، باب ما يدعو الرجل إذا خرج من بيته، (رقم ٣٨٨٤)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، ٣/ ٩٥٩، وصحيح الترمذي، ٣/ ٤١٠ - ٤١١.
1 / 16
١٤ - يستحبّ له أن يدعو بدعاء السفر، إذا ركب دابته، أو سيارته، أو الطائرة، أو غيرها من المركوبات فيقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر» ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ (١)، «اللهمّ إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهمّ أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهمّ إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب: في المال، والأهل ..» وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» (٢).
١٥ - يستحبّ له أن لا يسافر وحده بلا رفقة؛ لقوله ﷺ: «لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده» (٣).وقال ﷺ: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، الثلاثة ركب» (٤).
_________
(١) سورة الزخرف، الآيتان: ١٣ - ١٤.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، (رقم ١٣٤٢).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب السير وحده، (رقم ٢٩٩٨).
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، (رقم ٢٦٠٧)، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، (رقم ١٦٧٤)، وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد في مسنده، (٢/ ١٨٦، ٢١٤)، والحاكم في المستدرك، (٢/ ١٠٢) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وحسّنه الألباني في الصحيحة، (رقم ٦٢)، وصحيح الترمذي، ٢/ ٢٤٥.
1 / 17
١٦ - يؤمِّر المسافرون أحدَهم؛ ليكون أجمعَ لشملهم، وأدعى لاتفاقهم، وأقوى لتحصيل غرضهم، قال ﷺ: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم» (١).
١٧ - يستحب إذا نزل المسافرون منزلًا أن ينضمّ بعضهم إلى بعض، فقد كان بعض أصحاب النبي ﷺ إذا نزلوا منزلًا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال ﷺ: «إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان» (٢). فكانوا بعد ذلك ينضمُّ بعضُهم إلى بعض حتى لو بسط عليهم ثوب لوسعهم.
١٨ - يستحبّ إذا نزل منزلًا في السفر أو غيره من
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، (رقم ٢٦٠٨، ٢٦٠٩)، وحسّنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٤٩٤، ٤٩٥.
(٢) أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته، برقم ٢٦٢٨، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ١٣٠.
1 / 18
المنازل أن يدعو بما ثبت عنه ﷺ: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق»؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضرَّه شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (١).
١٩ - يستحبّ له أن يكبّر على المرتفعات ويسبح إذا هبط المنخفضات والأودية، قال جابر ﵁: «كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا» (٢)، ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير، قال ﷺ: «يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب» (٣).
٢٠ - يستحبّ له أن يدعوَ بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها: «اللهم ربَّ السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين
_________
(١) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، (رقم ٢٧٠٩).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب التسبيح إذا هبط واديًا، (رقم ٢٩٩٣).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، (رقم ٢٩٩٢)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، (رقم ٢٧٠٤).
1 / 19
وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها» (١).
٢١ - يستحبّ له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله؛ لقوله ﷺ: «عليكم بالدُّلجة؛ فإن الأرض تُطوَى بالليل» (٢).
٢٢ - يستحبّ له أن يقول في السحر إذا بدا له الفجر: «سمّع سامعٌ بحمد الله وحسن بلائه علينا. ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذًا بالله من النار» (٣).
_________
(١) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، (رقم ٥٤٤)، وابن السني في عمل اليوم والليلة، (رقم ٥٢٤)، وابن حبان كما في موارد الظمآن، (رقم ٢٣٧٧)، وابن خزيمة في صحيحه، (رقم ٢٥٦٥)، والحاكم في المستدرك، (١/ ٤٤٦، ٢/ ١٠٠)، وصححه ووافقه الذهبي، وحسّنه الحافظ ابن حجر. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، (١٠/ ١٣٧): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وقال ابن باز ﵀ في تحفة الأخيار، ص٣٧: «رواه النسائي بإسناد حسن».
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الدلجة، (رقم ٢٥٧١)، والحاكم في مستدركه، (١/ ٤٤٥)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والبيهقي في سننه الكبرى، (٥/ ٢٥٦)، وصححه الألباني في الصحيحة، (رقم ٦٨١)، وفي صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٤٦٩.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (رقم ٢٧١٨).
1 / 20
٢٣ - يستحبّ له أن يكثر من الدعاء في السفر؛ فإنه حريٌّ بأن تجاب دعوته، ويُعطى مسألته؛ لقوله ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده» (١)، ويكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصفا والمروة، وفي عرفات، وفي المشعر الحرام بعد الفجر، وبعد رمي الجمرة الصغرى، والوسطى أيام التشريق؛ لأن النبي ﷺ أكثر في هذه المواطن الستة من الدعاء ورفع يديه (٢).
٢٤ - يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه، ولابد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر وفيما ينهى عنه، ويلتزم الرفق واللين، ولا شك أنه يُخشى على من لم ينكر المنكر أن يعاقبه الله ﷿ بعدم قبول
_________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الوتر، باب الدعاء بظهر الغيب، (رقم ١٥٣٦)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين، (رقم ١٩٠٥)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم، (رقم ٣٨٦٢)، وأحمد، ٣/ ٢٥٨، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، ٤/ ٣٤٤، وغيره.
(٢) انظر: زاد المعاد لابن القيم، ٢/ ٢٢٧ و٢٨٦.
1 / 21