على ذلك ما يلي:
أولًا: جماعة إخوان الصفا:
من أبرز غايات إخوان الصفا مزج الدين بالفلسفة، فالعلوم الحكمية والفلسفة والشريعة عندهم أمران إلهيان يتفقان في الغرض المقصود منها، الذي هو الأصل، ويختلفان في الفروع، وذلك أن الغرض من الفلسفة عندهم هو التشبه بالإله بحسب طاقة البشر. وإخوان الصفا خلطوا الدين بالفلسفة وأساطيرها، ولم يتعد أبو حيان التوحيدي الصواب حين حكم على وسائلهم بأنها خرافات وكتابات وتلفيقات وتلزيقات، واتخذ إخوان الصفا الفلسفة أداة لدعوتهم في تشكيك الناس في دينهم وعقيدتهم، فيهدمون الدين ويرفعون بدلا منه أطلال فلسفة الأوثان المهدومة ١.
ثانيًا: جماعة المعتزلة:
وجماعة المعتزلة يعزون إدراك ومعرفة كل شيء إلى الحس والنظر العقلي، فهم لا يرون شيئًا إلا ويمكن معرفته بالحس أو النظر العقلي، وأن ما يوجبه العقل فهو واجب، وما يحسنه فهو حسن، وما يقبحه فهو قبيح، فهم يعتبرون العقل المقياس الوحيد لمعرفة الحقيقة، فإذا كانت الأخبار المتواترة لا تخالف العقل قبلت على أنها أخبار صادقة، وفي حالة عجز العقل عن الوصول إلى معرفة جازمة يلجأ إلى التقليد ليكون ظنًا صادقًا، وأخيرًا الاعتقاد يتبع النتائج التي يصل إليها العقل، إما بواسطة قوته وحدها وإما معتمدًا على التقليد ٢.