Palestine: So It Won't Become Another Andalusia

Ragheb El-Sergany d. Unknown
117

Palestine: So It Won't Become Another Andalusia

فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى

Noocyada

الدعاء نوع من أنواع العبادة ليس سلبيًا ولا مجرد اختيار الدعاء ليس شيئًا سلبيًا، فكثير من الناس يظنون أن الدعاء أمر مقابل للأخذ بالأسباب، يظنون أنه إما أن تأخذ بالأسباب وإما أن تدعو، وهذا خطأ كبير وسوء فهم عظيم، فالأعمال بصفة عامة لا يُبارك فيها إلا إذا كنت متوكلًا على الله ﷾: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق:٣] والتوكل على الله يقتضي الاعتقاد الجازم بقدرته وقوته وسلطانه ﷾، وأن الأمور لا تتم إلا بإرادته سبحانه، وذلك مع الأخذ بكامل الأسباب دون الاعتقاد في قدرة الأسباب بذاتها، قال بعض الناس لـ أنس بن مالك ﵁: ادع الله لنا، قال: الدعاء يرفعه العمل الصالح، أي: لا بد من عمل مع الدعاء وإلا يصبح تواكلًا منبوذًا. نعطي مثالًا حتى نقرب الصورة: المريض مثلًا لا بد أن يأخذ الدواء؛ لأنه يأخذ بالأسباب، ولا بد أيضًا أن يسأل الله الشفاء، ولا بد مع هذا أن يعتقد أن الدواء لن يفيد إلا إذا أراد الله ﷾. إذًا: الدعاء لم يمنع من أخذ الدواء، والدواء لم يمنع من الاستعانة بالدعاء. إذًا: الدعاء ليس أمرًا جانبيًا في قضية فلسطين أو في غيرها من القضايا، ليس أمرًا اختيارًا إن شئت فعلته وإن شئت تركته أبدًا، الدعاء ركن أساس من أركان النص، وسبب أكيد من أسباب رفعة المسلمين. أيضًا يخطئ كثير من الناس بأن يلجئوا في الدعاء إذا فشلت الأسباب، ولا يطرقون باب الله ﷾ إلا بعد طرق كل أبواب البشر، ورأينا في تاريخ فلسطين أن بعض المسلمين يطرقون أبواب من لا يجوز لهم أن يطرقوا أبوابهم، وذلك قبل أن يتّجهوا إلى من بيده ملكوت السماوات والأرض، وهذا جهل عظيم وفساد كبير، ولو طرقوا بابه ﷾ لاستجاب لهم، وما أيسر الدعاء كي تصل به إلى السماء. سُئل زين العابدين ﵀: كم بين عرش الرحمن وتراب الأرض؟ قال: دعوة مستجابة سبحان الله!! أسرع الوسائل إلى عرش الرحمن دعوة مستجابة. فالدعاء يا إخوة! ليس شيئًا اختياريًا، انظر إلى قوله ﷾: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:٦٠]. يقول ابن كثير ﵀: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر:٦٠] أي: عن دعائي وتوحيدي، فترك الدعاء استكبار، وسماه الله عبادة، وسماه رسول الله ﷺ أيضًا عبادة. روى الإمام أحمد وأصحاب السنن -وقال الترمذي: حسن صحيح- عن النعمان بن بشير ﵁: أن الرسول ﷺ قال: (إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:٦٠]). والرجل العظيم والسلطان الكبير والمتمكن من صنعته والبارع في مهنته قد يشعر أنه قد امتلك الأسباب، فلا حاجة له في الدعاء، وهنا تكون الهزيمة تلو الهزيمة، والانتكاسة تلو الانتكاسة، ناهيك عن حساب الآخرة. روى الإمام مسلم ﵀ عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه: أن رسول الله ﷺ قال: (إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرءوا: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف:١٠٥]).

10 / 3