قال ابن سعد (1): أخبرنا محمد بن عمر الواقدى (2) عن أشياخه قال: أهدى المقوقس صاحب الإسكندرية إلى النبي صلي الله عليه وسلم في سنة سبع من الهجرة مارية وأختها سيرين وألف مثقال من الذهب وعسلا وعشرين ثوبا وبغلته الدلدل وحماره عفيرا وخصيا يقال له مابور فعرض خاطب علي مارية الإسلام فأسلمت هى وأختها، ثم أسلم الخصي، وكان بعثه المقوقس مع مارية فقبل النبى (صلى الله عليه وسلم) هديته ونظر إلي مارية وأختها فاعجبتاه وكره أن يجمع بينهما، وكانت أحداهما تشبه الأخرى فقال: «اللهم اختر لنبيك» فاختار الله له مارية، وذلك أنها أسلمت قبل أختها، ومكثت أختها ساعة، ثم أسلمت فوهبها (3) النبي صلي الله عليه وسلم لحسان (4) بن ثابت وقيل كان الخصي قرابة لمارية وكان كثيرا ما يدخل عليها فوقع في نفس النبي صلي الله عليه وسلم شيء فرجع فلقيه عمر بن الخطاب فسأله فأخبره بذلك فأخذ عمر السيف، ثم دخل على مارية وقربتها عندها فأهوى ليضربه عمر بالسيف، فلما رأي ذلك كشف عن عورته وكان مجبوبا ليس بين رجليه شىء [ق 21 أ] فلما رآه عمر ذلك رجع إلي النبي صلي الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أن جبريل أتاني الساعة فأخبرني وقد برأها الله وقريبها وبشرني أن في بطنها غلاما مني وأنه أشبه الخلق بي وأمرني أن اسميه إبراهيم وكناني بأبي إبراهيم. وكانت مارية من أحب الناس إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي مات، وكانت البغلة والحمار أحب دوابه إليه وسمي البغلة الدلدل وسما الحمار يعفورا وأعجبه العسل، فسأل من أين هذا العسل، فقيل له من بنها.
فقال اللهم بارك في بنها وفي عسلها وبقيت عنده من الثياب حتي كفن في بعضها صلي الله علي وسلم أنه قال: «لو بقى إبراهيم ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية» وماتت مارية في المحرم سنة خمس عشر بالمدينة.
***
Bogga 32