من هؤلاء البربر فكان يمشي معه في أرض خالية رملة ليس بها أثر للماء ولا لغيره فأخذ البربري غرفة من ترابها وقربه من أنفه ثم اشتمه وتبسم وقال لأهل القافلة انزلوا فإن الماء معكم فنزل أهل القافلة هناك وعرسوا متاعهم وقيدوا الجمال وتركوها ترعى ثم عمد البربري إلى موضع وقال احفروا هاهنا فحفر الناس في ذاك الموضع أقل من نصف قامة فخرج إليهم الماء الكثير العذب فعجب من ذلك أهل القافلة وهذا مشهور معلوم يعلمه تجار أهل تلك البلاد ويحكونه عنهم وفي هذه الطريق التي ذكرنا من كوغة إلى كوكو على أرض بغامة مجابتان لا ماء فيهما وكل مجابة منهما تقطع من خمسة أيام إلى ستة أيام ومدينة كوكو مدينة مشهورة الذكر من بلاد السودان كبيرة وهي على ضفة نهر يخرج من ناحية الشمال فيمر بها ومنه شرب أهلها ويذكر كثير من السودان أن مدينة كوكو هذه على ضفة الخليج وذكر قوم آخرون أنها على نهر يمد النيل والذي صح من القول أن هذا النهر يجري حتى يجوز كوكو بأيام كثيرة ثم يغوص في الصحراء في رمال ودهاس مثل ما يغوص نهر الفرات الذي ببلاد العراق وغوصه هناك في البطائح ثم إن ملك مدينة كوكو ملك قائم بذاته خاطب لنفسه وله حشم كثير ودخلة كبيرة وقواد وأجناد وزي كامل وحلية حسنة وهم يركبون الخيل والجمال ولهم بأس وقهر لمن جاورهم من الأمم المحيطة بأرضهم ولباس عامة أهل كوكو الجلود يسترون بها عوراتهم وتجارهم يلبسون القداوير والأكسية وعلى رؤوسهم الكرازى وحليهم الذهب وخواصهم وجلتهم يلبسون الأزر وهم يداخلون التجار ويجالسونهم ويبضعونهم بالبضائع على جهة المقارضة وينبت في أرض كوكو العود
1 / 28