203

../kraken_local/image-253.txt

أنه رجل كبير. وهل يوجد هذا إلا في أفضل الناس وأرفعهم قدرا؟ إجلس يا سيدي).

ام انحطله عن مرتبته(30) التي لا ينحط عنها لوزير كبير ولا عالم خطي وأقسم عليه ان يجلس فيها. وجلس بين بديه ثم أقبل عليه بكليته فقال له: إيه يا سيدي، هذا الأكال الذي يجده المولى، أبقاه الله، إذا نضحه بالماء الحار يسكن، أو إذا نضحه بالماء البارد؟)، ففكر الرجل قليلا ثم قال له: (لا والله، إلا إذا نضحته بالماء البارد)، فوضع كفه في صدر الرجل ثم افعه دفعة ألقاه بها على قفاه في الأرض وهو يقول له بحدة وانحراف وصوت عال: (ذا خليط)، ثم وثب فجلس في مكانه وأعرض عنه بالجمل كأنه لم يره، فقام الرجل حائرا وقد كاد أن تدق عنقه وهو لا يدري ما سبب الاقبال أولا والادبار آخرا، وهو يقول: (يا شيخ، يجعلك الله في حل كدت وال تقتلني، فما شأنك وما قصتك؟ واي شيء اعتراك؟ وما الذي انكرت؟) وهو في ذلك مقبل على دكانه ومعرض عنه بالجملة، كأن ليس أحد يخاطبه.

للما اكثر عليه وضع المذبة(31) في إناء فيه ماء بين يديه، فيها غسالة الألقداح، حتى ابتل ورقها ثم نفضها في وجهه ولحيته وثيابه فشوه بذلك اخلقته ويزته، فلم يسع الرجل إلا الفرار من بين يديه مر وكان هذا الشيخ، في هذا الباب، آية للسائلين. ادركت من رآه بمعر وخالطه وكان يحدثني عنه بالعجائب من هذا النوع، وذكر انه كان في مدته شيخ آخر من كبار الكتاب وأعيانهم، مسمى مشهور الاسم، وكانا ايتباريان في هذا الفن ويتفاخران به ويتظاهران فيه ولا يباليان بنبز نابز ولا بطعن طاعن، وكانا كثيرا ما يجتمعان لا يكادان يفترقان. وكانا ايتغايران على الحرفاء ذوي الآلات الوافرة ويتسابقان إليهم ويبذلان الرغائب

Bogga 261