إن تقاربه أو تباعده ما لم ... تأتِ فحشاءَ فهو منك قريب
ما التقى وفره ونائلهُ مُذ ... كان إلاّ وفرهُ المغلوب
فهو مُدنٍ للجود وهو بغيضٌ ... وهو مقصٍ للمال وهو حبيب
يأخذُ المعتفين قسرًا ولو كفَّ ... دعاهم إليه وادٍ خصيب
غير أنّ الرامي المسددَ يحتا ... طُ مع العلم أنه سيصيب
وقال يمدح حبيش بن المعافى
نُسائلها أيَّ المواطن حلتِ ... وأيَّ بلاد أوطنتها وأيَّتِ
وماذا عليها لو أشارت فودعت ... إلينا بأطراف البنان وأومت
وما كان إلاَّ أن تولت بها النوى ... فولى عزاءُ القلب لما تولت
فأما عيون العاشقين فأسخنت ... وأما عيون الكاشحين فقرت
ولما دعاني البينُ وليتُ إذ دعا ... ولمَّا دعاها طاوعته ولبث
ولم أرَ مثلي كان أوفى بعهدها ... ولا مثلها لم ترعَ عهدي وذمتي
مشوقٌ رمته أسهم البين فانتشى ... صريعًا لها لمَّا رمته فأصمت
ولو أنها غير النوى فوَّقت له ... بأسهمها لم تصمِ فيه وأشوت
كأنّ عليه الدمع ضربة لازبٍ ... إذا ما حمام الأيك غنت
لئن ظمئت أجفانُ عين إلى البكا ... لقد شربت عيني دمًا فتروَّت
عليها سلامُ الله أنّى استقلت ... وأنَّى استقرت دارها واطمأنت
ومجهولةِ الأعلام طامسةِ الصُّوى ... إذا اعتسفها العيسُ بالركب ضلَّت
إذا ما تنادى الركب في فلواتها ... أجابت نداء الركب منها فأصدت
تعسفتُها والليلُ مُلقٍ جرانه ... وجوزاؤه في الأفق لما استقلت
بمفعمة الأنساعِ موجدة القرا ... أمون السرى تنجو إذا العيسُ كلَّت
طموح بأثناءِ الزمام كأنما ... تخالُ بها من عدوها طيفَ جنة
إلى حيث يلقي الجود سهلا منالهُ ... وخيرا مرئٍ شدت إليه وحطت
إلى خير من ساس البرية عدله ... ووطَّد أعلام الهدى فاستقلت
حبيشٌ حبيشٌ بن المعافى الذي به ... أُمِرَّت حبال الدين حتى استمرت
ولولا أبو الليث الهمام لأخلفت ... من الدين أسباب الهدى وارثت
أقر عمود الدين في مستقره ... وقد نهلت منه الليالي وعلّت
ونادى المعالي فاستجابت نداءه ... ولو غيرُهُ نادى المعالي لصُمَّت
ونيطت بحقويه الأمور فأصبحت ... بظلِ جناحيه الأمور استظلت
وأحيا سبيل العدل بعد دثوره ... وأنهج سبلَ الجود حين تعفَّت
ويلوي بأحداثِ الزمان انتقامه ... إذا ما خطوبُ الدهر بالناس ألوت
ويجزيك بالحسنى إذا كنتَ محسِنًا ... ويغتفرُ العظمى إذا النعلُ زُلت
يلَّم اختلالَ المعتفين نواله ... إذا ماملماتُ الزمان ألَّمتِ
إذا ظلماتِ الرأي أسدل ثوبها ... تطلعَ فيها فجره فتجلت
همام وريُّ الزند مستحصدُ القوى ... إذا ما الأمور المشكلات أظلَّت
به انكشفت عنا الغيابة وانفرت ... جلابيبُ جور عَمَّنا واضمحلت
أغرُ ربيط الجأشِ ماضٍ جنانه ... إذا ما القلوب الماضيات ارجحنَّت
نهوضٌ بثقل العبء مضطلعٌ به ... وإن عظمت فيه الخطوب وجلت
تطوعُ له الأيام خوف انتقامهِ ... إذا امتنعت من غيره وتأبت
له كلَّ يوم شملُ مجدٍ مؤلفٍ ... وشملُ ندى بين العفاة مشتت
أبا الليث لولا أنت لانصرم الندى ... وأدركتِ الأحداث ما قد تمنت
أخاف فؤاد الدهر بطُشكَ فانطوت ... على رُعُبٍ أحشاؤه وأجنت
حللت من العزِ المنيف محَلةً ... أقامت بفوديها العلي وأبنَّت
لِيَهنئ تنوجًا أنهم خيرُ أسرة ... إذا أحصيت أولى البيوت وعدت
وأنك منهم في اللباب الذي له ... تطاطأتِ الأحياءُ صُغرًا وذلت
بني لتنوخّ الله مجدًا مؤيدًا ... تَزِلَّ عليه وطأة المتبت
إذا ما حلومُ الناسِ حلمك وازنت ... رجحت بأحلام الرجال وخفت
إذا ما يدُ الأيام مدت بنائها ... إليك بخطبٍ لم تنلك وشُلَّت
وإن أزمات الدهر حَلَّت بمعشر ... أرقت دماءَ المحل فيها فطلَّت
إذا ما امتطينا العيسَ نحوك لم نخف ... عثارًا ولم نخشَ اللتيا ولا اللتي
وقال يمدح مالك بن طوق
1 / 11