Asalka Afka Carabiga
نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
Noocyada
والذي أخذه صاحب التاج على صاحب القاموس يؤخذ عليه؛ فقد كتب في تركيب «ه ر ف» ما هذا نصه: «يهرف، كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته.» ا.ه. أفتدري من أين أتى بهذا السبع وكيف خلقه وأخرجه إلى أبناء الناطقين بالضاد؟ إنه قرأ في المخصص لابن سيده ما إليك نصابه: «يقال لبعض السباع: هو يهرف بصوته أي يتزيد فيه.» ا.ه. فالظاهر أن السيد الزبيدي وصل إلى قراءة العبارة إلى حد قوله: هو يهرف، ووقف ولم يمض في وجهه فكتب ما كتب، ولو أتم العبارة على ما جاءت لما سقط في هذه الهاوية السحيقة القعر، فكأن النسخة التي كانت بيده انقطعت عند الكلمة التي دونها؟ والعلم عند الله.
ومما جاء في هذا الباب ما نقله ابن منظور في ديوانه في مادة «ع ر ا»، قال: وفي حديث عروة بن مسعود قال: والله ما كلمت مسعود بن عمرو منذ عشر سنين، والليلة أكلمه، فخرج فناداه، فقال: من هذا؟ قال: عروة، فأقبل مسعود وهو يقول:
أطرقت عراهيه
أم طرقت بداهيه
حكى ابن الأثير عن الخطابي، قال: هذا حرف مشكل، وقد كتبت فيه إلى الأزهري؛ وكان من جوابه أنه لم يجده في كلام العرب، والصواب عنده: «عتاهيه» وهي الغفلة والدهش. أي أطرقت غفلة بلا روية أو دهشا. قال الخطابي: وقد لاح لي في هذا شيء، وهو: أن تكون الكلمة مركبة من اسمين ظاهر ومكني، وأبدل فيهما حرفا وأصلها: إما من «العراء»، وهو وجه الأرض، وإما من «العرا»، مقصور وهو الناحية، كأنه قال: أطرقت عرائي أي فنائي زائرا وضيفا، أم أصابتك داهية، فجئت مستغيثا، فالهاء الأولى من «عراهيه» مبدلة من الهمزة، والثانية هاء السكت، زيدت لبيان الحركة، وقال الزمخشري: يحتمل أن يكون بالزاي، مصدر من عزه يعزه فهو عزه: إذا لم يكن له أرب في الطرب، فيكون معناه: أطرقت بلا أرب وحاجة، أم أصابتك داهية، أحوجتك إلى الاستغاثة. ا.ه. نقل ابن منظور.
قال الأب أنستاس ماري الكرملي: والذي عندنا أن أحسن هذه التفاكير الثلاثة ما جاء به الأزهري، وهو أعظم حجة في اللغة العربية ولا يدانيه أحد ممن سبقه، ولا ممن عاصره، ولا ممن جاء بعده؛ إلا أننا نقول: إن «عراهية» صحيحة بمعنى «عتاهية» وبمعنى الغفلة والدهش على لغة من لغى العرب، فقد جاء عندهم من هذا القبيل: السبرور والسبروت، للأرض القفر التي لا نبات فيها، وعود متيخ ومريخ أي طويل لين، وحتش (على المجهول) وحرش أي هيج بالنشاط، واحتتش واحترش، إلى آخر ما جاء من هذا القبيل من كلامهم.
المعرب أو الدخيل في العربية
مما لا يحتمل شكا ولا ريبا وجود الدخيل أو الأعجمي في لسان عدنان. قال ابن فارس في كتابه «الصاحبي» ما هذا نصه بحروفه: «زعم أهل العربية أن القرآن ليس فيه من كلام العجم شيء، وأنه كله عربي، يتأولون قوله، جل ثناؤه:
إنا جعلناه قرآنا عربيا ، وقوله:
بلسان عربي مبين . قال أبو عبيد: والصواب من ذلك عندي - والله أعلم - مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الحروف، وأصولها عجمية، كما قال الفقهاء؛ إلا أنها سقطت إلى العرب، فأعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية؛ ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب؛ فمن قال إنها عربية، فهو صادق، ومن قال عجمية، فهو صادق.» ا.ه.
Bog aan la aqoon