وأيضا إنا لما بينا استحسان التكليف من الله لعباده، والتوصل به إلى منفعة لهم، ومصلحة لهم في ذلك.وكان في التكليف أوامر ونواه وفعل أشياء. واجتناب أشياء، فلا يدرون كيف امتثال ما كلفوا به، والتوصل إليه، ليستط عنهم امتثال التكليف، وفرضه من البارئ تعالى، في أوامره ونواهيه. ولم يكن البارئ عز وجل بمشاهد، ولا تراه العيون. وليس كمثله شيء لكي يبلغهم علم ذلك حسن من الله تعالى، إرسال الرسل إلى عباده المكلفين، يبينون للناس ما يأتون وما يذرون، من أمر الله ونهيه. وإن كان جائزا أن يتعبد الله الخلق بعقولهم. ولكن لما بعث الله الرسل، علمنا أن إرسال الرسل أفضل. وقد قلنا: إن الله تعالى لا يفعل إلا الأفضل، والأصلح والأحسن. فلله الحمد والشكر، على ذلك كثيرا. وبالله التوفيق.
الباب التاسع عشر والمائة
في بيان ثبوت حجة الرسل
وبما يلزم تصديقهم
وتكون حجة الله عز وجل عند ذلك
وذلك أن نظر الرسول المرسل، ومشاهدته، ورؤيته، لا يكون ذلك حجة، من الله عز وجل، دون إظهار معجزاته الباهرة، التي لم تجر بها عادة من الخلق، ولا أن يقدر أن يأتي بمثلها أحد من العالمين. وقد كان في زمن الفصحاء والخطباء والشعراء، فما قدر أحد منهم أن يعارض القرآن. قريش هم أفصح العرب، وأقدرها على أوزان الكلام، فدهشت وطاشت عقولها. فقالت مرة: إنه سحر. وتارة تقول: إنه مجنون. وتارة تقول: أساطير الأولين. وتارة تقول: شعر. فلما يقدر أحد منهم أن يأتي بمثله. وبالله التوفيق.
الباب العشرون والمائة
في تثبيت نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -
Bogga 98