فقال: { يوم يكشف عن ساق } عن شدة أهوال يوم القيامة. وعظم أمرها، لا أنه تعالى قاعد لهم على كرسي القضاء كما زعموا، فينكروه، ويكادوا يباطشونه، فيكشف لهم عن ساقه، فيعرفونه عند ذلك. فهذه خرافات، لا يتحققها ذو عقل ويصدقها. نعوذ بالله من الضلال؛ لأنه إذا جلس على الكرسي فقد صار الكرسي أقوى منه؛ لأنه له حامل. وقد صار الهواء أكبر منه؛ لأنه له حاو. نعوذ بالله من الحيرة. وتعالى ربنا وجل عن ذلك.
الباب التاسع والخمسون
في القدم وتفسيرها
ونفى القدم المعقولة عن الله عز وجل
زعم أهل الجهل أن البارئ تعالى له قدم، وأن جنهم لا تمتلئ من سكانها حتى يضع فيها قدمه، فتقول: قط قط، فتمتلئ حينئذ وتنزوي. وهذا كلام لا يلتفت إليه أحد لاستحسانه؛ لأن القدم متناهية، لها حدود ونهاية. وقد أحاطت جهنم بزعمهم، فقد صار معبودهم متناهيا، محيطا به الهواء، إذا كان قدمه، قد أحاطت به جهنم. فكليته قد أحاط به الهواء إذا.
فهل يستطيع أن يزيد في خلقه أم لا؟
فإن قالوا: نعم، فقد حلته الحوادث في الزيادة والنقصان. ومن حلته الحوادث فمحدث.
وإن قالوا: لا يستطيع، فقد لحقته العجز. والعاجز ليس بإله قدير. نعوذ بالله من الحية والخذلان.
الباب الستون
في ذكر القيام ونفي الانتصاب على الأقدام عن الله عز وجل
زعم أهل الجهل أن الله تعالى يقوم على أرجل له وأقدام؛ لقوله تعالى: { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } وقوله تعالى: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } أفليس يعلم أهل اللب والعقل، أن القائم للقيام المعقول، الذي هو الانتصاب على القدم، قد احتاج إلى ما يقوم به. وعليه فلا يخلو من ذلك. والمحتاج فقير. والفقير ليس بإله غني عن العالمين؟
... وإنما معنى قول الله عز وجل: { الحي القيوم } الحي الدائم البقاء لا تغيره الأحوال. ولا يجري عليه الزمان.
Bogga 49