وإنما البارئ قدير بنفسه، عالم بنفسه، لا بشئ سواه فنفسه ذاته وذاته إثباته، فهذه صفه من ليس كمثله شئ.
وأما العين التي يراد بها الحفظ، كقولهم: أنت بعين الله، أي أنت في حفظ الله أي ليس تخفى على الله.
وأما ما يراد به العقوبة، فقولهم: أصابتك عين من عيون الله، أي عقوبة، ونقمه من نقماته.
وأما ما يراد به الدلالة، فقولهم: هذا عين العدو، وعين الخليفة، يريدون بالعين هاهنا الإنسان نفسه.
وأما ما يراد به الجودة. فقولهم: هذا عين مالنا وغنمنا، وعين السوق، أي خير شئ في سوقنا، وخير مالنا وغنمنا.
وأما قول الله تعالى: { ولتصنع على عيني } أي بعلمي وحفظي، وقوله: { تجري بأعيننا } أي بحفظنا وعلمنا، حيث لا يخفى علينا. وفي العين أكثر من هذا، ولكننا اختصرنا هذا.
القول التاسع والأربعون
في الوجه وتفسيره
والرد على من قال: إن لله وجها حقيقيا - تعالى الله عن ذلك
الوجه - في لغة العرب - على معان كثيرة: أحدها أن يراد به الشئ نفسه، كقولك: هذا وجه المر، ووجه الرأي، ووجه القوم والمتاع، إذا أخبرت عن الشئ بعينه، وإني لأكره أن أرد وجهك، أي أردك، لا أنه عني بوجهه، دون جسده.
وتقول: كيف وجه العمل في هذا الأمر؟ أي كيف السبيل على التوصيل إليه، ويقال: ما أعرض وجه فلان ولفلان وجه في شرفه، يراد به الانبساط في تجارته، والقدر عند قومه.
ويقال: فلان من وجوه قومه، أي من عظمائهم.
والوجه: هو الوجه الذي في الرأس، وكل هذه المعاني عن الله منفية، إلا الذي يقال: إن وجه الشئ هو الشئ.
وأما البارئ - عز وجل - ، عز أن يكون ذا وجه، كالوجوه التي في الرأس؛ لأن ذلك لا يكون إلا في الأجسام والصور. والله تعالى ليس بجسم ولا صورة، لأنه يقول: { هو الله الخالق البارئ المصور } والحكيم لا يحتج على خلقه بالمعنى الذي هم عليه به، فيكون مثلهم - تعالى الله عن ذلك.
وقوله تعالى: { إنما نطعمكم لوجه الله } أي لطلب ثواب الله.
Bogga 42