قيل لهم: فإن من ليس بفاعل فهو عاز وتارك ومحال منه الفعل في ذلك فقولوا: إنه لم يزل فاعلا أو تاركا، لتنفو عنه العجز، واستحالة وقوع الفعل، ومن لا يد له هي بعضه، فهو أشل ومن لا عين له، فهو أعمى، ومن لا ذكر له، فهو أنثى وإن اعتلوا، وادعوا أن الله تعالى سمى المسيح ابنا، وسمى نفسه له أبا، ووجدوا فيه أن المسيح قال: أذهب إلى أبي وأبيكم.
قيل لهم: فقال المسيح في إنجيله:أذهب إلى أبي وأبيكم، فإن وجب بهذا القول أن يكون الله تعالى أبا له، وأن يكون هو ابنا لله، فما أنكرتم أن يكون أبا لجميع من خاطبه، وتكونوا أبناءه أيضا، فيجب على قولكم هذا أن يكون الله تعالى أبا للحواريين، من أجل أن عيسى قال: أذهب إلى أبي وأبيكم. ولم لا
وجب أن يكون الله تعالى أبا لموسى -عليه السلام - ولبني إسرائيل ويكون إسرائيل ابنا لله تعالى؛ لأنه تعالى قال: إسرائيل بكرى، وقد قيل لهم: أليس الأب له ابن؟
فقالوا: نعم.
فقال: والابن لا ابن له.
فقالوا: كذلك هو.
قيل لهم: فكيف يكون له ابن، هو الذي لا ابن له؟ فكيف يجوز أن يكون الابن بغير إله.
ويقال لهم: إذا كنتم تعبدون المسيح، والمسيح إله إنسان فقد عبدتم إنسانا، ومن عبد إنسانا، فقد كفر عندنا وعندكم.
ويقال لهم: هل يخلو المسيح - عليه السلام - من أن يكون إنسانا بكليته وكماله، ومن جميع جهاته، غير إنسان أو يكون إلها من جهة، إنسانا من جميع جهاته، فإن أثبتوه إنسانا من جميع جهاته، وأثبتوه محدثا مخلوقا، وعبدا مربوبا، من جميع جهاته، بطل أن يكون فيه شئ من الألوهية.
قيل لهم: إذا أثبتموه مخلوقا من جميع الجهات، فهلا أثبتموه ابنا، على وجه من الوجوه.
فإن قالوا: إلا برضى النصرانية فقد قالوا بالحق.
وإن قالوا: نثبته ابنا على وجه ما قيل.
قيل لهم: على أي وجه تثبتونه ابنا؟
Bogga 34