في شديد العقاب ولا يوصف الله تعالى، بأنه شديد على الحقيقة؛ لأن الشدة بمعنى الصلابة. والله تعالى لا يوصف بالصلابة. وإن وجدنا في صفاته في القرآن، أو غيره، أنه تعالى شديد، فهو مجاز، لكثرة استعمالهم في القوة منا، هذا القول، على التوسع. ولكن يجوز أن يوصف، بأنه شديد العقاب وما أشبه ذلك، من صفات الأفعال؛ لأن الشديد في صفات الأفعال، إنما هي للأفعال والشدة في هذه الصفة: هي لها، لا لله عز وجل.
وقوله تعالى: { أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } على التوسع والمجاز، ولم يكن مجازا، لأدى معناه إلى الإحالة. فصح بهذا أنما إذا ذكر هذا القول، توسعا في اللغة، وأراد أنه أقوى منهم وأقدر. وبالله التوفيق.
الباب التاسع والخمسون والمائتان
في الناصر للمؤمنين
ويقال: إن الله ناصر للمؤمنين. ومعنى ذلك: دفعه المكاره والشدائد والهوان عنهم، ليعز بهم بذلك، ويكرمهم. وهذا هو النصر المعقول، فيما بيننا، في الشاهد. بالله التوفيق.
الباب الستون والمائتان
في العدل والعادل
يقال لله تعالى: عدل وعادل. ولا يقال: إنه عادل بشيء، لأن العادل بالله ، هو الجائز. كما قال الله تعالى: { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } ولعله أراد في هذه الآية، فوهم فيها، قوله تعالى: { والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون } .
مسألة:
وقال: والعدل غير العادل. ولا يجوز أن يقال لله: عادل.
مسألة من كتاب لقومنا:
قال: العدل على وجهين: الله عدل. وعدله على وجهين: عدل في ذاته، وعدل في فعله. وهو مساويته بين خلقه، فيما تحب فيه المخالفة، وعدل من خلقه. وعدله: فعله.
والدليل على أنه عدل: العلم والغنى دليل على العدل، في كل معنى. ودليل ثان علمه بقبح الجور، واستغناؤه عنه في جميع الأمور؛ لأنه لا يدخل في الجور إلا من احتاج إليه، أو جهل قبحه، فأقدم عليه فلما كان الله عالما غنيا، كان عن الجور والظلم متعاليا.
مسألة:
Bogga 185