76

Nuur iyo Hanuun

نور وهداية

Daabacaha

دار المنارة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٩ م

Goobta Daabacaadda

جدة - المملكة العربية السعودية

Noocyada

ولما جئت مكة كنت أقعد مع طائفة من الإخوان كل يوم في موضع المكبّرية قرب سدّة المؤذنين، وكان يقعد معنا كهل كبير السن فلسطيني صالح لا يكاد يفارق المسجد، جاء مَحْرَمًا مع بنت له وبنت أخيه. وكنت أستمع إلى حديثه وأحبه لأنه كان صافي القلب صادق اللهجة صالحًا، فانقطع عنا أيامًا طويلة، وسألت عنه فلم أجد من يعرف مكانه أو يعرف اسم بنته أو بنت أخيه، ثم جاءنا يمشي على رجليه بعد خمسة عشر يومًا، فقلت له: أهلًا يا أبا فلان، أين كنت وما هذه الغيبة التي غبتها عنا؟ فقال: اسمعوا أحدثكم حديثي، وثقوا أنني إن شاء الله لا أقول غير الحق. لقد أصابني ألم في رجلي لم أعد أستطيع معه أن أجلس عليها، فضلًا عن أن أقوم واقفًا أو أن أخطو ماشيًا. وبقيت على ذلك هذه الأيام كلها، والبنتان تخدمانني وتعتنيان بي حتى أحسست منهما بعض الضيق والملل، فتوجهت إلى الله وصرخت صرخة سُمعت من أقصى الدار: يا الله! يا رب، لا اعتراض على قضائك، ولكن لماذا لا تشفيني؟ (يقولها بلهجته العامية المخلصة) ألم أدعُك؟ ألم تقل يا رب ادعوني أستجب لكم؟ فها أنا ذا دعوتك فلماذا لم تستجب لي؟ وقال كلامًا طويلًا لا يخرج عن هذه المعاني. قال: وسمعتني البنتان -وكان ذلك وسط الليل- فقامتا من فراشيهما، وأقبلتا عليّ تتعجبان مني تقولان: مع من تتكلم؟ وكنت غائبًا عن نفسي متوجهًا إلى الله بكل قلبي ومشاعري، فنبهني كلامهما وأرجعني إلى نفسي وإلى ما حولي، وأحسستُ كأنني صحوت من حلم، أو كأنني كنت أحلّق في الجو بلا جناح وأنني هبطت إلى الأرض،

1 / 86