ومصاحبتهم، ثم أتينا إلى الرماحية وكنت ضيفا عند رجل من المجتهدين، وبقيت عنده أياما قلائل، فاستأجرت سفينة وركبت فيها قاصدا للجزائر، فسارت السفينة فرسخين تقريبا، ثم وقفت على الطين، فبقيت واقفة يوما وليلة، ثم سارت فرسخا أو أكثر، ثم وقفت كالأول، ثم سارت وهكذا، فتعجب أهل السفينة وقالوا: ما جرى هذا قط على سفينتنا، فتفكرت أنا وقلت في نفسي هذا الشهر جمادى وصارت زيارة رجب قريبة وأنا تركتها وقصدت الجزائر ولا يكون هذا التعويق الا لهذا.
فقلت لصاحب السفينة: ان أردت أن تسير سفينتك فأخرجني منها، وقلت له الكلام فتعجب، فقلت له: ان قدامنا في حقروص رجلا من إخواننا فأنا أخرج إلى منزله حتى تصل السفينة إلى مقابل منزله فنخرج أثاثنا، فأخرج معي رجلا ليدلني على الطريق، فلما خرجنا ومشينا جرت السفينة، وقد تقدمتنا فوصلنا إلى منزل ذلك المؤمن، وأرسل غلامه وتبع السفينة حتى أتى بأسبابي منها، فبقيت عند ذلك المؤمن أياما قلائل، وسافرت أنا وهو إلى زيارة رجب، ثم زرنا مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ثانيا.
فلما فرغنا من الزيارات أتينا إلى منزل ذلك الرجل المؤمن في حقروص وكان على شاطئ الفرات، وكان له مجلس فوق غصن شجرة قوي في وسط الماء، والسفن تجرى من تحته، فما رأيت مكانا أنزه ولا ألطف ولا آنس منه، وكانوا في النهار يصيدون الحجل والدراج ونأكله في الليل، وماء الفرات ولا تسأل عن عذوبته ولطافته وحلاوته وبركته، لأنه ورد في الحديث أنه يصب فيه ميزاب من ماء الجنة كل يوم.
وفي الحديث: انه كان يبرئ الأكمه والأبرص وذوي العاهة، لكن باشره نجاسة أبدان المخالفين فأزال عظيم بركته وبقي القليل، وكان مولانا الصادق عليه السلام يقصده من المدينة ليشرب منه ويغتسل به ويرجع، وقد ورده يوما فقال لرجل كان على الماء: ناولني بهذا القدح ماء فناوله، ثم قال: ناولني أخرى فناوله فشرب وأجرى الماء على لحيته الشريفة، فلما فرغ قال: الحمد لله رب العالمين ما أعظم بركته.
ثم اني ركبت في السفينة وجئت إلى الجزائر، فلقيت جماعة من أهل السفينة الأولى، فقالوا لي: انه من وقت خروجك منها ما وقفت ساعة واحدة إلا بالمنزل، فلما وصلت إلى الجزائر إلى منزلنا في الصباغية في نهر المدك، فرحوا أهلي وذلك أن
Bogga 20