ولما كان المشتهر بين الناس أن مذهب الأحناف هو مذهب أهل الرأي حتى ادعى عليهم بعضهم بأنهم يردون الأحاديث التي تتعارض مع مذهبهم؛ تصدر الطحاوي: لنصرة هذا المذهب بالأحاديث والآثار.
فأضحى هذا الكتاب أصلًا أصيلًا ومرجعًا مهمًّا في نصرة مذهب أهل الرأي بالأثر.
ومن أجل هذا كان لعلمائهم عناية خاصة بهذا الكتاب وروايته وتدريسه وشرحه وتلخيصه والكلام علي رجاله.
فألفوا حوله كتبًا كثيرة ما بين شروح ومختصرات وتراجم لرجاله.
ومن أعظم من شرحه العلامة بدر الدين العيني ﵀: وهو الشرح الذي بين أيدينا.
وقد كانت للحافظ بدر الدين العيني: عناية خاصة بهذا الشرح وكيف لا والسبب الداعي لتأليفه له هو دفع الفرية التي تتهم الأحناف بأخذهم الرأي وتقديمه على الأحاديث والآثار؛ لذلك شد العزم وأخرج كل ما في جعبته من علوم ومعارف لنصرة المذهب ودفع الشبهات والتشكيكات من حوله؛ فأضحى هذا الكتاب كنزًا للأحناف في نصرة مذهبهم.
وقد عني العيني بتدريسه سنين طويلة في المدرسة المؤيدية، وكان الملك المؤيد شيخ ملمًّا بالعلم يناقش العلماء فيه حتي جعل لهذا الكتاب كرسيًّا خاصًّا في جامعته كباقي أمهات كتب الحديث، وعين لهذا الكرسي البدر العيني فقام البدر بتدريس هذا الكتاب خير قيام مدة مديدة وألف في شرحه كتابين ضخمين فخمين صورة ومعنى أحدهما "نخب الأفكار في تنقيح معاني الآثار"، وهو الكتاب الذي بين أيدينا.
والشرح الثاني هو "مباني الأخبار في شرح معاني الآثار" وهو خالٍ من الكلام في الرجال حيث أفردهم في تأليف خاص سماه "مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار"، وقد قال في مقدمته:
1 / 8