Nukat Wa Cuyun
النكت والعيون
Baare
السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Goobta Daabacaadda
بيروت / لبنان
وأما قوله تعالى: ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ فمنافع الخمر أثمانها وربح تجارتها، وما ينالونه من اللذة بشربها، كما قال حسان بن ثابت:
(ونشربها فتتركنا ملوكًا ... وأُسْدًا ما ينهنهنا اللقاءُ)
وكما قال آخر:
(فإذا شربت فإنني ... رَبُّ الخَورْنق والسدير)
(وإذا صحوتُ فإنني ... ربُّ الشويهة والبعير)
وأما منافع الميسر ففيه قولان: أحدهما: اكتساب المال من غير كدّ. والثاني: ما يصيبون من أنصباء الجزور، وذلك أنهم كانوا يتياسرون على الجزور فإذا أفلح الرجل منهم على أصحابه نحروه ثم اقتسموه أعشارًا على عدة القداح، وفي ذلك يقول أعشى بني ثعلبة:
(وجزور أيسار دعوت إلى الندى ... أوساط مقفرة أخف طلالها)
وهذا قول ابن عباس ومجاهد والسدي. ثم قال تعالى: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعْهِمَا﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أن إثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما بعد التحريم، وهو قول ابن عباس. والثاني: أن كلاهما قبل التحريم يعني الإثم الذي يحدث من أسبابهما أكبر من نفعهما، وهو قول سعيد بن جبير. وفي قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ ستة تأويلات: أحدها: بما فضل عن الأهل، وهو قول أبن عباس. والثاني: أنه الوسط في النفقة ما لم يكن إسرافًا أو إقتارًا، وهو قول الحسن. والرابع: إن العفو أن يؤخذ منهم ما أتوا به من قليل أو كثير، وهو قول مروي عن ابن عباس أيضًا. والخامس: أنه الصدقة عن ظهر غِنى، وهو قول مجاهد. والسادس: أنه الصدقة المفروضة وهو مروي عن مجاهد أيضًا. واختلفوا في هذه النفقة التي هي العفو هل نسخت؟ فقال ابن عباس نسخت بالزكاة. وقال مجاهد هي ثابتة. واختلفوا في هذه الآية هل كان تحريم الخمر بها أو بغيرها؟ فقال قوم من أهل النظر: حرمت الخمر بهذه الآية. وقال قتادة وعليه أكثر العلماء: أنها حرمت بأية المائدة. وروى عبد الوهاب عن عوف عن أبي القُلوص زيد بن علي قال: أنزل الله ﷿ في الخمر ثلاث آيات فأول ما أنزل الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخمْرِ
1 / 278