عَلى أن في الاستدلال بذلك من هذه القصة نظرًا؛ فإنها واقعة عين لا عموم فيها، فتُقيد الجوازَ عَلى ما إذا وقع احْتِياج إلَى ذَلِكَ كالإبلاغ والإنذار، كما في هذه القصة، وأما الجواز مطلقًا حيث لا ضرورة فلا يتجه.
وقد اشتملت هذه الجملة القليلة الَّتِي تضمنها الكتاب عَلى الأمر بقوله: "أسلم"، والترغيب بقوله: "تسلم"، و"يؤتك"، والزجر بقوله: "فإن توليت"، والترهيب بقوله: "فإن عليك"، والدلالة بقوله: "يا أهل الكتاب"، وفي ذَلِكَ من الدلالة (١) ما لا يخفى، وكيف لا وهو كلام من أوتي جوامع الكلام ﷺ.
قوله: (فلما قَالَ ما قَالَ) يحتمل أن يُشير بذلك إلَى الأسئلة والأجوبة، ويحتمل أن يشير بذلك إلَى القصة الَّتِي ذكرها ابن النَّاطُور بَعْدُ، والضمائر كلها تعود عَلى هرقل.
و(الصَّخب): اللغط، وهو: اختلاط الأصوات في المخاصمة، زاد في الجهاد: "فلا أدري ما قالوا" (٢).
قوله: (فقلت لأصحابي) حين خلوت بهم (٣).
قوله: (أَمِر) هو بفتح الهمزة وكسر الميم أي: عَظُمَ، وسيأتي في تفسير سبحان (٤).
و"ابن أبي كبشة" أراد به النبي ﷺ؛ لأن أبا كبشة أحد أجداده، وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلَى جد غامض.
قَالَ أبو الحسن النسابة الجرجاني: هو جد وهب جد النبي ﷺ لأمه، وهذا فيه نظر؛ لأن وهبًا جد النبي ﷺ اسم أمه عاتِكَة بنت الأَوْقَص بن مُرَّة بن هلال، ولم يقل أحد من أهل النسب: أن الأَوْقَص يكنى أبا كَبْشَة.