Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Noocyada
قال السيد أحمد نفع الله به عند ذكر استشهاده: وكان هذا السيد قد جمع من مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، بما تقصر الألسن عن وصفه، وتكل الأقلام عن رقمه، أما الكرم وحسن البشر والإيثار على النفس والتواضع والوفاء بالحقوق، ولين الجانب، وسعة الصدر، والهمة العالية، والنفس الأبية، وغيرها من مكارم الأخلاق، فأمر مجبول عليه ومخلوق فيه، فإنه رحمه الله وأعاد من بركاته من أول شبابه وفي سن حداثته من رآه ممن لم يكن يعرفه وتدبر أحواله ورأى ما خصه الله من الفضائل لا يقول إلا أنه قد تدرب بها مدة طويلة، وراض نفسه بها رياضة كثيرة، يعلم [ق/49] هذا منه كل من خالطه حتى أنه لا يراه أحد ويخالطه إلا أحبه، ومال إليه قلبه.
وأما العلم فإنه رحمه الله بلغ درجة الإجتهاد بل زاد، وقرأ في جميع الفنون قراءة متقنة، ولم يرض في شيء منها إلا بالبحث في دقائقها، والغوص على حقائقها، وتجرد للقراءة مدة، ولعلها اثني عشر سنة، وقطع العلائق كلها حتى الزواجة فما كان قد تزوج.
وأما السياسة والمعرفة لما يصدر ويورد والحزم وأداء الحقوق، والرعاية التي ليس مثلها رعاية، والتحمل للأمور الصعبة، ووضع كل شيء في محله، فالذي يراه يظن أنه لم يولد إلا في الأمر والنهي لما يراه من إيقاع الأوامر على وجوهها المطابق للعقل والشرع مع الأناة والحلم والشدة في مواضعها، واللين في مواضعه، والإنصاف للمظلوم، والأخذ على يد الظالم، وتقريب أهل الفضل، فما أحقه بقول الشاعر:
Bogga 303