Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Noocyada
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه .... ويغرس إلا في منابتها النخل سلام عليكم، وإنا لنحمد الله الذي لا إله إلا هو إليكم، ونسأله المزيد من هداه المبلغ إلى رضاه، ثم إن الله سبحانه جعل جهاد الظالمين، ونكاية المعتدين، ذروة وسناما للدين، إن قام به المسلمون منحهم الله العز والنصر، وإن خذلوا ولاته ولم يجيبوا دعاته خذلوا وذلوا، وأديل الحق منهم إلى غيرهم، هذا معنى ما رويناه عن أمير المؤمنين، وباب مدينة علم سيد المرسلين على عليه السلام، وقد قمنا لله سبحانه غاضبين حيث عمت الفتنة، وشملت المحنة، وطبق ظلام الظلم على العباد، وكثر الفجور، وشربت الخمور، ونكحت الذكور، وبدلت الأحكام، واستحل الحرام، وبدلت عبادة الرحمن بالملاهي، وكبائر العصيان، فقام في حربنا ونصرة عدونا من كنا نحب له القيام بفريضة الجهاد مع بقاء ملكه، ودوام عزه، وقد بذلنا لهم ذلك فلم يجيبوه {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} غلبت عليهم الأهوى، فلكل فؤاد هوى، فلو أنهم جعلوا الحق والباطل سوى، ووقفوا وتركوا نصرة أهل الحق والأعدا، ولكنهم اختاروا السبل المتفرقة عن سبيل الله وإيثار النفوس الأمارة بالسوء فوصلوا غير الرحم، وقطعوا السبب الذي أمرهم الله بصلته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوا في عرصات الحطبة وبقاع كل ضارب في غمرة، فماروا في الحيرة، وذهلوا في السكرة، على شبه الفراعنة، وطريق الطاغية، فهم بين منقطع إلى الدنيا راكن، ومفارق للدين مباين، ولقد عاينا العجب من بعضهم يعد نفسه إماما هاديا، وإلى الله داعيا، وقد حليت الدنيا في عينه وراقه زبرجها، فأخلد إلى الأرض، ومال إلى لعق الحرام [ق/209]، وسحت من الطعام، ووالى الأتراك الطغام، وحارب الإمام بعد الإمام، وهو يتلو قول الله تعالى:{ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}، وليس الحامل لهم على ذلك إلا ما هلكت به الأمم الماضية من استحقارهم لأولياء الله، وتعظيمهم لأهل الدنيا من أعداء الله، واغترارهم بتقلبهم في البلاد، وإيثارهم للدنيا الفانية على الآخرة الباقية، كأنهم لم يسمعوا الله حيث يقول:{ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} وحيث يقول: {فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى} بلى ولكن مر في آذان صم، فما أشبه الحال منا ومنهم بما قال الناصر للحق أحمد بن يحيى عليه السلام:
لقد شاب رأسي قبل حين مشيبه .... وعاد بياض الوجه فاللون أكلف
أفكر في الدنيا وغفلة أهلها .... وزهدهم فيما إلى الله يزلف
ورفضهم حكم الكتاب وفرضه .... وقد عطلوا قول الإله وحرفوا
فلا عالم يهديه للرشد علمه .... ولا جاهل من عالم يتعرف
تقلبت الأيام بالناس كلهم .... فكلهم في ظلمة الغي يعسف
إلى قوله عليه السلام:
أقوم من لا يستقيم اعوجاجه .... وإني لعمر الله نعم المثقف
ولكنها لانت لقوم عريكتي .... فظن بي القوم الظنون وأرجفوا
وقالوا إمام ليس يشهر سيفه .... بلى إن سيفي للطغاة لمرهف
وإن كان أعواني قليلا وناصري .... كذاك فمنهم مخلص ومولف
Bogga 14