Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Noocyada
رجعنا إلى تمام رواية الشيخ أحمد، قال: فانقطعت ولم أجد الطعام حتى ظننت أنه الموت، وكان لي في الجبل كهف آوي إليه وعندي من الكتب شيء، فلما اشتد بي الحال وضعفت طويت ثوبي علي، على أنه كفن واستقبلت القبلة وقلت: يا رب لا أقدر على شيء أحفظ به بدني أو كما قال-ودعوت بما أمكن، قال: فما شعرت إلا وحيوان يحركني بفمه ففتحت وجهي وإذا بظبي عظيم واقف فقمت إليه وعلمت أن الله سبحانه ساقه رزقا لي وغياثا، وأوثقته بما أمكن من القوة على أنه صيد، فإذا هو ساكن لم يتحرك غير أن فتحت رجليه وإذا هو أنثى وفيها لبن، قال: فرضعت من لبنها وهي ساكنة حتى شبعت، قال: ثم ولت عني وبت بأطيب ليلة، وحمدت الله سبحانه حين كفاني عطاء غيره-أو كما قال- فلما أصبح الصباح صعدت أعلى الكهف موضعا بين حجارة أستتر بها وأدفأ في الشمس فبينا أنا كذلك وفي يدي المصحف أدرس وعندي السيف إذ باثنين من بدو حجور معهما بندق -أو قال بندقان- يطلبان [ق/82] الصيد، قال: فخفتهما وبقيت مكاني أنظر حتى أن أحدهما قصد جهتي بالبندق حتى قرب مني وركب الفتيلة ووجه البندق إلى ولا أجد ما أدافع به عن نفسي، فقلت: لا أجد غير الاضطجاع حتى يرمي لعلها تطفني فأقاتله، فلما ضربت البندق وأحسست موضع الرصاصة قريبا مني إخترطت السيف وقمت مواثبا، فصاح بأخيه وكان في جانب من الجبل يطلب صيدا، فما كان أقرب من القبض عليه بفضل الله هو وسلاحه، وأما الثاني فهرب يصيح، وقلت للذي في يدي: يا ظالم ما فعلت بك حتى تقتلني فصاح واستغاث وجحد ذلك كثيرا، فقلت: فمن رميت؟ قال: ما كنت أراك وإنما كان أعلاك ظبي كبير فرميته فقلت: أرني موضعه فصار بي إلى ذلك الموضع وإذا هو صادق وأثر الظبي ظاهر، وكانت الرصاصة بين يديه ورجليه وسلمه الله تعالى، فعرفت أنه صاحبي البارحة، فقلت: اذهب فقد عذرتك فيما فعلت، فالتزمني وهو يصيح بأنك -الله أعلم- سيدي قاسم؟ فقلت: نعم، فعاد بالسلاح الكثير، فقلت: من الذي فر عنك؟ قال: أخي قلت: أدركه ورده لئلا يجمع علينا البدوان ولا حاجة لنا بالاجتماع بهم، قال: فلحقه حتى أدركه بالصوت، فلما رجعا وعظمهما كثيرا، فتابا وأنابا، ثم قال لهما: تجدان أحدا على مثل رأيكما يعيننا يوما واحدا بنهب سوق طهننة، ونغير المنكرات التي فيه، وكانت أنواعا من نحو ما يأتي في موضعه من هذا المختصر إن شاء الله تعالى؟ فقالا: لا نعلم أحدا، ولكنا نفعل فتواعدنا إلى جبل أعلى من السوق كثير شجر وأنهم يصلون ببنادقهم ومن أجابهم، وكان معي بندق بغير مجرى مخبوءة في جبل سماه، وعندها ثلث رطل -أو قال- ثلثا رطل باروتا فقط مما صنعته بيدي، فمضيت للبندق وسرت في الليل حتى دخلت الجبل وبقيت في انتظار صاحبي حتى حمى السوق، واجتمع من جند الظلمة جماعة على ما هم عليه من المنكرات، والهسف والعسف لضعفاء المسلمين، وإذا بصاحبي يتخللان الشجرة وحدهما معهما بندقان فحسب، فسلما وقالا: ما ذا نفعل، فرأيت أن لا نرجع حتى نفزع هؤلاء الظلمة بأي فزع، وقلت: ما عسى أن نفعل وفزعت إلى الله سبحانه وتعالى، ثم قلت لهما: اشحنا بنادقكما ففعلا من الباروت حقي وشحنت بندقي أيضا ورزمت عليها بحجارة ووجهتها نحو السوق، وأكثرت من شحنتها على ما نفعل في الطلاعات للتعشيرة، ووجها بندقيهما كذلك، ثم قلت: على رسلكما وتيممت [ق/83] وصليت ركعتين، وبكيت، وقلت: هذا جهدي ودعوت الله سبحانه بما أمكن، ثم أمرتهما بالتنصير للإمام حتى يسمع أهل السوق ولا يسمياه ففعلا، ثم رمينا بتلك البنادق فصاح القبائل الذين في السوق معنا وأجابونا، فانتهب السوق وبعض سلاح العسكر، وهربوا على وجوههم لا يلوي أحد على أحد، وخرج إلينا أكثر أهل السوق، وبعض سلاح العسكر في أيديهم حتى اجتمع طائفة، وبايعوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدنا بعد أن فرقنا ذلك الجمع. إلى هنا الرواية عنه.
قال السيد أحمد نفع الله به ما معناه من كلام طويل: وكان الشيخ أبو زيد مخالفا للأتراك، وكان له هيبة لواقعة أوقع فيهم فراسل إليه أنه يأوي الإمام عليه السلام وجماعة من الفضلاء، فأجابهم، وكان ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
قال السيد نفع الله به:
Bogga 357