199

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

Baare

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

Noocyada

وفي الحديث: «كان إذا احمَرَّ البأسُ اتَّقينا برسول الله ﷺ َ» .
أي: إذا اشتد الحَرْبُ جعلنا بيننا وبين العدو، فكأن المتقي جعل الامتثال لأمر الله، والاجتناب عما نَهَاهُ حاجزًا بينه وبين العذاب، وقال عمر بن الخَطَّاب لكعب الأحبار: «حدثني عن التقوى، فقال: هل أخذت طريقًا ذا شَوْكٍ؟ قال: نعم، قال: فما عملت فيه؟ قال: حذرت وشَمّرت، قال كعب: ذلك التَّقوى» . وقال عمر بن عبد العزيز: التقوى تَرْكُ ما حَرَّمَ الله، وأداء ما افترض الله، فما رزق الله بعد ذلك فهو خير إلى خير.
وقال ابن عمر: التَّقوَى ألا ترى نفسك خيرًا من أحد.
إذا عرفت هذا فنقول: إن الله - تعالى - ذكرَ المتقي هاهنا في معرض المدح، [ولن يكون ذلك] بان يكون متقيًا فيما يتصل بالدّين، وذلك بأن يكون آتيًا بالعبادات، محترزًا عن المحظورات. واختلفوا في أنه هل يدخل اجتناب الصَغائر في التقوى؟ فقال بعضهم: يدخل كما تدخل الصّغائر في الوعيد.
وقال آخرون: لا يدخل، ولا نزاع في وجوب التوبة عن الكُلّ، إنما النزاع في أنه إذا لم يتوقّ الصغائر هل يستحق هذا الاسم؟
فروي عنه ﵊ ُ - أنه قال: «لا يَبْلُغُ العَبْدُ درجة المتّقين حتى يَدَعَ ما لا بَأسَ به حَذَرًا مما به بَأسُ» . وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنهم الذين يَحْذَرُون من الله العُقُوبَة في تَرْكِ ما يميل الهَوَى إليهن ويرجعون رحمته بالتَّصديق بما جاء منه.
واعلم أن حقيقة التقوى، وإن كانت هي التي ذكرناها إلاَّ أنها قد جاءت في القرآن، والغرض الأصلي منها الإيمان تارة؛ كقوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى﴾ [الفتح: ٢٦] أي: التوحيد ﴿أولئك الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى﴾ [الحجرات: ٣]، ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ﴾ [الشعراء: ١١] أي: لا يؤمنون.
وتارة التوبة كقوله ﵎: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُواْ واتقوا﴾ [الأعراف: ٩٦]، ﴿وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاتقون﴾ [المؤمنون: ٥٢] .

1 / 276