141

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

Baare

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

Noocyada

لولا أنَّ الله ﷾ وَفَّقنا للطاعات، وأعاننا عليها، وهدانا إليها، وأَزَاحَ الأعذار عَنا، وإلاّ لَمَا وصلنا إلى شَيْءٍ منها، فظهر بها التقرير أنَّ جَمِيعَ النعم في الحقيقة كم الله تَعَالى. الفائدةُ الثانيةُ: اختلفوا [في أنه] هل لله - تعالى - نعمةً على الكافرِ أَم لاَ؟ فقال بعضُ أصحابنا: ليس لله - تعالى - على الكافر نعمة. وقالت المعتزلةُ: لله - تعالى - على الكافر نعمة دينية، ونعمة دنيوية. واحتجَّ الأصحابُ على صحّةِ قولهم، بالقرآن [الكريم]، والمعقول. أما القرآنُ؛ فقوله ﵎: ﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؛ وذلك لأنه لو طلب كان لله على الكافر نعمةٌ، لكانوا داخِلينَ تحت قوله: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ فيكون طلبًا لصراطِ الكُفَّارِ، وذلك بَاطِلٌ، فثبت بهذه الآيةِ أنه ليس لله - تعالى - على الكافر نعمةٌ. فإن قَالُوا: إنَّ قَوْله: ﴿الصراط المستقيم﴾ يدفعُ ذَلِكَ. قلنا: ﴿صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ بدل مِنْ قَوْلِهِ: ﴿الصراط المستقيم﴾؛ فكان التَّقْدير: «اهدِنا صراطَ الذين أنعمت عليهم»، وحينئذٍ يَعُودُ المحذوف المذكورُ. وقوله ﵎: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمًَا﴾ [آل عمران: ١٧٨] . وأما المَعْقُولُ: فهو أَنَّ نِعَمَ الدنيا الفانيةَ في مقابلةِ عَذَابِ الآخرة على الدوام، كالقَطْرةِ في البحر، ومثل هذا لا يكون نِعْمَةً، فقد احتجُّوا بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الناس اعبدوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ والذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشًا والسماء بِنَآءً﴾ [البقرة: ٢١، ٢٢]، على أنه يَجِبُ على الكُلِّ طاعةُ الله - تعالى - لأجلِ هذه النعم، وإلاّ لما كانت هذه النعمُ العظيمةُ معتبرةً؛ وقولِه تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ [البقرة: ٢٨]، ذكر ذلك في معرض الامْتِنَانِ، وشرحِ النعم. وقولِه تعالى: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] . وقولِه تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور﴾ [سبأ: ١٣] . وقول إبليس: ﴿وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧] .

1 / 218