الجويني: نسبة إلى جوين بالضم وفتح الواو وسكون التحتانية ثم نون، ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة ينسب إليها جماعة من العلماء والأدباء، أشهرهم ذكرا وأعلاهم قدرا الشيخ أبو محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه، بفتح الحاء وتشديد التحتانية المضمومة وسكون الواو وفتح الياء التحتانية أيضا الجويني الفقيه الشافعي، قرأ الأدب بناحية جوين على والده والفقه على أبي يعقوب الابيوردي ثم خرج إلى نيسابور، فلازم أبا الطيب الصعلوكي ثم رحل إلى مرو لقصد أبي بكر القفال فلازمه حتى برع مذهبا وخلافا، ثم عاد إلى نيسابور سنة سبع وأربعمائة وتصدر للتدريس والفتوى ونشر العلم مع الورع الزائد والهيبة التامة بحيث لا يجري بين يديه إلا الجد والوقار، قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني، لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنقلت إلينا أوصافه وافتخروا به، ونقل النووي في الطبقات عن الشيخ أبي سعيد عبد الواحد بن القشيري صاحب الرسالة: أن المحققين من أصحابنا يعتقدون في الشيخ أبي محمد من الكمال ما لو جاز أن يبعثالله نبيا في عصره لما كان إلا هو من حسن طريقته وورعه وزهده ورياسته وكمال فضله واستوءا سره وعلانيته، وزهده في الرياسة التي صارت تطلبه وهو يهرب منها وترغب فيه، وهو يزهد فيها، صنف تفسيرا كبيرا مشتملا على عشرة أنواع من العلم في كل آية وتعليقا في الفقه متوسطا، "والسلسلة" و"التبصرة" و"الفرق والجمع"، وغير ذلك، ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي بنسيابور في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة وهو في سن الكهولة حكى أبو صالح المؤذن، وكان غاسله بوصيته منه في غسله وتجهيزه، قال: لما كفنته بالكفن رأيت يده اليمنى إلى الإبط زهر أبيضا من غير سوء وهي تتلألأ نورا، فتحيرت وقلت في نفسي: هذه من بركة فتاويه، وسمع الحديث وانتفع به جمع أجلهم، ولده أبو المعالي إمام الحرمين عبد الملك الملقب ضياء الدين المجمع على إمامته والمتفق على غزارة مادته، وتفقه في العلوم كلها على والده، وأتى على جميع مصنفات أبيه وتصرف فيها حتى زاد عليه في التحقيق والتدقيق، فلما توفي والده جعل مكانه في التدريس وتولى الخطابة، وكان مع ذلك يتردد إلى الاستاذ أبي القاسم الإسكافي الاسفرايني بمدرسة البيهقي، ويجلس للوعظ والمناظرة وظهرت تصانيفه وحضر درسه الأكابر من الأئمة وانتهت إليه رياسة الأصحاب وفوضت إليه الأمور غير مزاحم ولا مدافع فسلم له المحراب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التذكير يوم الجمعة وغير ذلك من الطوائف الدينية، ولما وقعت الفتنة بنيسابور وجهه أهلى السنة بواسطة الوزير عميد الملك أن يهاجر في جمع من العلماء إلى مكة المشرفة فأقام بالحرمين الشريفين أربع سنين يدرس ويفتي ويجمع طرق المذهب حتى لقب بإمام الحرمين، ولما أخمد الله نار البدعة وأظهر نور السنة فقتل عميد الملك ووزيره نظام الملك رجع إلى نيسابور، وبقي على التدريس، ونشر العلم والخطابة والوعظ قريبا من ثلاثين سنة إلى أن توفي بعد العتمة خامس وعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، بموضع قرب نيسابور يسمى سمان خرج إليه في مرض لطيب هوائه ودفن فيه ثم نقل بعد سنين إلى نيسابور ودفن إلى جنب والده.
الجهضمي: بالفتح وإسكان الهاء وفتح الضاد المعجمة ثم ميم وهاء، هي محلة بالبصرة منها نصر بن علي الجهضمي قاضي البصرة كان من العلماء المتفنين روى عنه مسلم في صحيحه فأكثر، روى أن المستعين بالله بعث إليه ليشخصه للقضاء فدعاه أمير البصرة لذلك، فقال: أرجع لأستخير الله تعالى، فرجع إلى بيته نصف النهار فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك ثم نام فنبهوه فإذا هو ميت، وذلك في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين.
Bogga 216