ولا تكمل تربية الفتيات بحيث تصير المدرسة مسئولة عنهن بالمعنى الصحيح إلا إذا كن لا يبرحنها كالداخلية مثلا، أو إذا كانت أمهاتهن متعلمات يساعدن المدرسة على القيام بأعبائها، وهذا يظهر في الجيل القادم من بناتنا إن شاء الله؛ لأنهن يمارسنه بالفعل ولا يجدن أمامهن ما يفسد ذلك الدرس المفيد.
فيا ليت شعري! هل يخفف المنتقدون قليلا من حدتهم عند انتقاد مدارس البنات؛ لأن بيوتهم ونظامها أدعى إلى الانتقاد منها، والأمهات الجاهلات أكبر عثرة في سبيل نجاح المدارس، ولا سيما إذا كانت بناتهن من القسم الخارجي. وليس من الإنصاف أن تكلف المدرسة بملاحظة الفتيات في مغيبهن عنها؛ إذ إن أعضاءها لم يكن يوما من الشرطة (البوليس) ويكفي ملاحظة التربية والتعليم في المدارس، وليس ذلك بالأمر السهل على القائمات به.
المدرسة تأمر التلميذات بالنظافة وترتيب الهندام، والبيت لا يعنى بذلك كثيرا؛ فإذا غسلت الفتاة شعرها يوما تنتظر بعده أسبوعا بغير تمشيط حتى تجيئها الماشطة وتمشطه لها في الأسبوع التالي، ويظل رأسها بين الأسبوعين معقدا قذرا، فترجعها المدرسة إلى البيت مرة أخرى وتكون النتيجة تأخر الفتاة عن تلقي الدرس، وربما استشاطت والدتها غضبا من تكرر رجوعها من المدرسة، وهي لو مشطت بنتها كل يوم لما استغرق ذلك أكثر من ثلاث دقائق، ولكن هو الجهل والكسل.
حادثتني مرة ناظرة مدرسة للبنات في شأن التلميذات الخارجيات اللاتي يعدن إلى البيت كل يوم لقذارتهن؛ قالت: «إني أعجب لأمهاتهن كيف يرضين لأنفسهن أن تشتمهن المدرسة كل يوم ولا يخجلن؟!» قلت لها: وكيف تشتمهن المدرسة؟ قالت: «أليس إرجاع البنت إلى أمها بسبب الوساخة يعادل قولك لها: إنك أيتها السيدة قذرة ولا تصلحين لإدارة بيتك؟! وأكبر دليل على ذلك إهمالك ابنتك وهي فلذة كبدك وأعز عليك بالطبع من المنزل وأثاثه ورياشه، ولو رجعت تلك التلميذة في إنكلترا (وهي بلدها) إلى أمها بسبب القذارة لفكرت تلك الأم أن الانتحار أولى لها من أن تسب علنا بأنها قذرة.» هذا حقيقي؛ لأن الأم الإنكليزية متعلمة وتعرف حقوق التربية، وشتان بينها وبين الأخت المصرية.
هذا في الأخلاق وقل مثله في التعلم، فإن الفتاة ربما احتاجت إلى مذاكرة دروسها فتشغلها زيارة النساء لأمها ما بين (دلالة وماشطة و«كدية» زار)، ويملأن قلبها الصغير النقي أوهاما وخزعبلات، فيهدمن ركنا من فضيلتها ويبنين مكانه نقصا ورذيلة، فضلا عن أنهن يعقنها عن مذاكرة الدرس والاستفادة منه. (6) الزواج
يا للنساء من الرجال ويا للرجال منهن
بينا أنا أفكر في موضوع أكتبه للجريدة إذ قرأت ما جاء بها بقلم (أحد الناس) وحديثه مع فتاة، فتأثرت به أيما تأثر، وقلت في نفسي: إذا كان الرجال يخوضون في مثل هذه الموضوعات فنحن أحق بها منهم؛ لأنها بنا أمس، وأجدر منهم بالشكوى لوقوع حيفها علينا. وسأتكلم هذه المرة على طريقة الزواج عندنا؛ لأنها مقدمة لموضوع تعدد الزوجات، الذي سأكتب عنه في المرة القادمة إن شاء الله.
طريقة الزواج في مصر طريقة معوجة عقيمة نتيجتها في الغالب عدم الوفاق بين الزوجين؛ يقيم الرجل معالم العرس أياما وليالي، ويتكبد مصاريف جمة لعروس لم يرها عمره ولم يتأكد من حسن أخلاقها أو جمال نفسها، إنما سمع عن بياضها وسمنها أو مالها من الخاطبة التي تصف حسب نصيبها من نوال العروس وأهلها، فإذا أجزلوا لها العطاء صورت ابنتهم للشبان الخاطبين في صورة «بلقيس بمالها أو شيرين بجمالها»، وما هي إلا أحبولة يقع الفتى فيها فلا يلبث أن يصير بعلا للفتاة إما على الحب منه أو الكره.
فإذا سعد طالعهما اتفقا قلبا وقالبا ورضي كل بالآخر رفيقا له وصفت لهما الأيام، هذه حال قل أن يصل إليها زوجان، ومن تمت لهما كان ذلك أحدوثة في بني قرابتهما وعند الجيران!
أما البائس الذي قدر له أن يعاشر حمقاء أو جاهلة أو مسرفة أو ما شابه مما يعرفه أغلب رجالنا بالتجربة، فيا ويحه!
Bog aan la aqoon