186

Nil Hayat Nahr

النيل: حياة نهر

Noocyada

بعيد، وتهب عاصفة محرقة متوعدة صاخبة قاذفة برمال وحجارة، ويستلقى على الأرض لما توجبه من خبط وقتل للإنسان والحيوان، وتقلب الخيام وتقطع الحبال من غير أن ينتبه أحد إلى ذلك، والجميع يرتجف فرقا من هذا الإعصار الذي يسود ويغمر كل شيء، ولو أنعم إله الرياح نظره في هذا المنظر لأبصر - لا ريب - أن أولئك النفر من الناس يضرعون إليه ساجدين، والعالم - وإن كان يفسر في مكتبه الهادئ بأكسفورد تلك الأعاصير الجنوبية الغربية بأنها صادرة عن التقاء السحب الباردة وحرارة الصحراء الشديدة - يذهب عند الوجل - كالعرب - إلى أنها من عمل الجن أو الأرواح الشريرة، التي تثير أعمدة الرمل.

وتزول الزوبعة - في الغالب - بسرعة كالتي تهب بها، وفيما ينهض الإنسان والحيوان سالمين حائرين؛ إذ يبصران بجانبهما طيرا ميتا على ما يحتمل، أو يبصران قنبرة من قنابر الصحراء التجأت إلى رفرف

17

خيمة مقوضة فعادت إلى الطيران مغردة، ولا شيء أكثر تأثيرا في النفس من تلحين القنبرة البعيدة من كل واحة، والتي لا يعلم الشيء الذي تعيش به سوى الله، والتي تشابه النورس

18

المرافق للسفينة مع ابتعاد عن البر أياما طويلة.

والماء في الصحراء أمر وهمي كالهواء، والآبار تهب الحياة للصحراء مع عدم بصر بها ومع عدم انتظامها، والآبار في الصحراء تبدو بغتة كالنجوم المذنبة فتحدث فيها بقعا خضرا ومراحل صغيرة. أجل، هنالك طرق قديمة تسير عليها القوافل بين بئر وبئر، بيد أن الآبار تظهر اتفاقا كالمجاري البحرية الواقعة تحت الأرض وكفلوع

19

حقول الجليد فتنتقل مثلها بين مكان ومكان وفي الحين بعد الحين، وينبع الماء المنقذ للحياة في قعر واد عميق، ولا يلبث كل شيء أن يخضر حوله، وتظهر بعض أشجار السنط الشائكة وبعض النخيل اليابسة كأنها هبة من الآلهة، ويطرح كل من الإنسان والحيوان نفسه لتذوق هذا الترياق

20

Bog aan la aqoon