1
في المناقع، وهم لا يبعدون من الأقزام أكثر من بعد نيويورك من وشنغتن أو بعد زوريخ من ميلان، وهم يظهرون على ضفة النيل اليسرى بالقرب من بحر الغزال، وينزلون على الضفة اليمنى حتى الدرجة الثانية عشرة، ولكن المستنقع وحده هو الذي يجعل لوجودهم معنى، وكما أن أقزام رونزوري قصروا بعيشهم تحت دوح الأيكة البكر منذ مئات السنين أصبح الدنكا الذين هم سكان تلك البلاد الأولون أطول رجال الأرض بعيشهم كاللقالق في الضحاضح وعلى رءوس الغدران، وبينما ترى أولئك لا يزيدون طولا على متر وثلاثين سنتيمترا يبلغ الدنكي من الطول مترين، ويقدر معدل الطول المتوسط لدى الدنكا بمتر وتسعين سنتيمترا ، وإذا نظرت إلى هذه القامة مع استواء أرجلهم وامتداد أعقابهم
2
وأعناقهم أبصرت درجة تماثل أحوال العيش وتقاربها في الإنسان والحيوان، وقد يرى البحث هنا عن مصدر الأسطورة الأوميرية حول اصطراع الطوال والأقزام.
ويظل الواحد منهم ساعات بأسرها واقفا على إحدى ساقيه اللتين لا حماة
3
فيهما، وذلك مع وضع الساق الأخرى فوق ركبة تلك الساق وعقدها بها، وذلك مع استناد إلى منسأة،
4
ومع عطل من شرك وشبك، ومع بعد من مواشيهم.
وهم أيقاظ غير رقود، وهم يرقبون ماذا يقع بلا حركة ولا بغية ولا فكرة ولا رغبة ولا كبير عاطفة في الظاهر، وهم يرون فوق ذلك السماط المائي الواسع من فراسخ بعيدة، فيبدو تضاد دائم بينهم وبين الأقزام الذين يعيشون كالنمل على منحدرات البراكين حذرين خافين فاعلين مترقبين، وفيما هم يشابهون البلاشين بنحولهم واستواء ظهورهم ودقة قاماتهم واستطالة جماجمهم وانحناء أنوفهم ورقة شفاههم ولطف مفاصلهم يذكرنا الأقزام بالمناجذ.
Bog aan la aqoon