378

وإليه ، وهو باق في الحالين ، ولا شيء من الهيولى والصورة كذلك ؛ لاستحالة مفارقة الشيء جزئه مع بقائه. ولأن المكان مطلوب بالحركة ، والهيولى والصورة لا تطلبان بالحركة ، وليس الكائن الفاسد يطلب صورة لبطلانه عند مفارقة الأولى وحصول غيره. ولأن المركب قد ينسب إلى مادته ، فيقال : باب خشبي وخاتم فضي ، والشيء لا ينسب إلى مكانه. وأدلتهم من موجبتين في الشكل الثاني ، فتكون عقيمة غير ناتجة.

وأما القائلون بأن المكان هو السطح مطلقا فقد احتجوا عليه ، بأن الفلك الحاوي متحرك ، وكل متحرك فله مكان ، لكن ليس له سطح من حاو (1) محيط به ، وإلا لزم عدم تناهي الأجسام ، فلم يبق مكانه إلا سطح الفلك الذي تحته. ولأن كل جسم لا بد له من مكان ، والأبعاد متناهية ، فلو لم يكن مكان الحاوي سطح المحوى كذبت الكلية الصادقة.

وهو خطأ لمنع الكبرى ، نعم المتحرك في الأين يجب أن يكون له مكان ، لكن حركة المحدد ليست في الأين ، بل في الوضع. والمكان إن جعلناه البعد صدقت الكلية على تقدير التناهي ، لأن المحدد في بعد وإن جعلناه السطح الحاوي ، لم يجب صدق الكلية ، فإنه لا برهان عليها ، بل على نقيضها. ثم يقابل هذا المشهور لمشهور آخر ، وهو أن الناس اتفقوا على أن مكان الجسم الواحد واحد ، ولو جعلناه أي سطح كان ، لكان لكل ما تحت المحدد مكانان ، وهو محال.

فإذا بطلت هذه الأقوال بقى (2) المشهور أمران :

الأول : أن يكون المكان هو البعد على ما اخترناه (3).

Bogga 385