** المسألة الرابعة : في أن الثقل والخفة ليسا من الكم (1)
إنه قد يعرض كثيرا لبعض الناس الاشتباه بين الكم بالذات والكم بالعرض ، فيلحق الثاني بالأول لقصور قوته المميزة بين ما هو للشيء بالذات وبين ما هو للشيء بالعرض. وهؤلاء لما رأوا :
1 قبول كل واحد من الثقل والخفة للمساواة والمفاوتة والزيادة والنقصان ، حيث يقال : ثقل هذا الجسم يساوي ثقل ذاك أو يزيد عليه أو ينقص عنه.
2 وقبولهما للتجزئة حيث يقال : ثقل هذا الجسم نصف ثقل ذلك أو ضعفه ، وتوهموا أن هذا القبول لذات الثقل والخفة ، لا جرم توهموا أنهما داخلان تحت مقولة الكم. وهو خطأ ، فإن المساواة والمفاوتة في الكم عبارة عن فرض حد للشيء منطبق على حد آخر مفروض ، فإذا انطبق كليته على كلية الآخر ، فإن انطبق حداه الآخران على حدي الآخر قيل له : إنه قد ساواه ، وإن لم ينطبق الحدان الآخران على حدي الآخر ، قيل : إنه قد فاوته إما بزيادة أو نقصان.
وهذا المعنى لا يتحقق في الثقل والخفة ، لأنهما عبارتان عن قوتين إحداهما تحرك الشيء إلى أسفل ، والأخرى تحركه إلى فوق ، وهذه القوة المحركة إما أن تكون بالطبع ، وهي صورة جوهرية نوعية وتلك من مقولة الجوهر ، أو الميل الذي هو السبب القريب للحركة ، وهو من مقولة الكيف. نعم يعرض للحركة التفاوت بسبب تفاوت الزمان فيدخلان تحت الكم بالعرض (2) بهذا الاعتبار.
وأما التجزئة فإنما حصلت لهما بسبب أن القوة تحرك في الزمان في نصف المسافة ، أو تحرك في المسافة في ضعف الزمان ، فعروض المساواة والمفاوتة بسبب تأثيره في الحركة المتعلقة بالزمان ، والتجزئة إنما حصلت للزمان بالذات ، ولهما بالعرض.
Bogga 354