بأن العدد مركب من الواحدات وليس شيئا مغايرا لمجموع الوحدات ، لكن كل وحدة فإنها وجودية ، لأن الشيء الواحد كالسواد الواحد الشخصي يخالف العشرة من أشخاص السواد في مسمى الواحدية ، ويشاركها في مسمى السوادية ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فالواحدية صفة زائدة على الماهية ، وليست أمرا عدميا ؛ لأنها لو كانت عدما لم يكن عدم أي شيء كان ، بل كانت عدم الكثرة ، فالكثرة إن كانت عدمية كانت الوحدة عدم العدم ، وعدم العدم ثبوت ، فالوحدة ثبوتية ، ولا معنى للكثرة إلا مجموع تلك الوحدات ، وإن كانت وجودية كانت الوحدة عدمية ، فيكون مجموع العدمات أمرا وجوديا ، وهو محال. فيلزم أن تكون الكثرة والوحدة صفتين وجوديتين قائمتين بالذوات المعروضة (1) لهما ، وهو المطلوب.
اعترضه أفضل المحققين : بأن قوله يعني أفضل المتأخرين : «إن الفلاسفة قالوا : الكثرة عدم الوحدة ، ثم قالوا : الكثرة مجموع الوحدات ، فحاصله أنهم قالوا : المجموع هو عدم الجزء منه» (2) وهذا لا يقوله عاقل.
والمشهور بين الفلاسفة أنهم قالوا : الوحدة أمر عقلي عام يقع على الوحدات كالوجود ، والشيء ويعدونها في الأمور العامة (3)، ويقولون : إنها تقع على موضوعاتها لا بمعنى واحد ، فليس وحدة النقطة كوحدة الجسم ، ولا كوحدة الحيوان ، ولا كوحدة العسكر ، والكثرة مؤلفة من الآحاد.
وفيه نظر ؛ فإن «أفضل المتأخرين» لم ينقل عن الفلاسفة أنهم قالوا : الكثرة عدم الوحدة ، بل إن الوحدة لو كانت عدما لم تكن عدم أي شيء كان ، فإن عدم الفرس أو عدم الإنسان أو ما عداهما ليس وحدة ، بل إن كانت عدما لم تكن إلا
Bogga 346