333

أخذ العقل يشك في وجود الماضي في الماضي ، ووجود المستقبل في المستقبل ، لشك في أن زيدا لم يعدم ، وأن عمرا الذي لم يخلق موجود ، هذا عين السفسطة.

ثم قوله : «إنه موجود في حده» إن أراد به أن الماضي موجود في الماضي ، والمستقبل موجود في المستقبل ، لزم أن يكون للزمان زمان ، ويتسلسل. وإن عنى به أن الماضي والمستقبل موجودان مطلقا ، على معنى أن الوجود قد حصل لهما بالفعل ، ولم يلحقهما العدم بعد ذلك ، لزم الحكم ببقائهما موجودين ، والضرورة تدفع كل ذلك ، وليس حالهما حال عدم السماء في الأرض ، لأن للسماء وجودا محققا بخلاف الماضي والمستقبل اللذين حكمت الضرورة بعدمهما ، ومن جعل الآن جزءا من الزمان جعله منقسما إلى أجزاء لا تتجزأ ، وأمكن أن يقسم بقسمين مختلفين ومتساويين كالأجسام ، والحكم بوجود الآن يستدعي انقسام الزمان بالفعل ، والبحث في كيفية عدم الآن سيأتي إن شاء الله تعالى.

** الوجه الثالث :

بيان الشرطية : أنه لو كان موجودا وفرضناه قابلا للعدم فليفرض أنه عدم ، فيكون عدمه بعد وجوده بعدية لا يوجد فيها البعد مع القبل ، وهذه البعدية لا تتحقق إلا عند تحقق الزمان ، فيلزم من فرض عدم الزمان وجوده ، وذلك محال. فإذن مجرد فرض عدمه يستلزم المحال ، ففرض عدمه محال ، فهو واجب لذاته. وأما بطلان التالي فظاهر ، أما أولا فلتركبه من الأجزاء وكل مركب ممكن. وأما ثانيا فلأن كل جزء منه حادث ، والواجب لذاته ليس بحادث. وأما ثالثا فلأن كل جزء منه يعدم ، وواجب الوجود يستحيل أن يعدم. وأما رابعا فلأنه قائم بالحركة القائمة بالجسم ، فهو محتاج إلى محله وواجب الوجود ليس بمحتاج.

اعترض أفضل المحققين : بأن فرض عدم الزمان بعد وجوده ، يكون فرض

Bogga 340