253

** البحث الثاني : في الحصر

ذهب الأوائل إلى حصر أقسام التقدم في هذه الأنواع الخمسة ، ولا برهان لهم على ذلك سوى الاستقراء (1)، وهو لا يفيد اليقين ، خصوصا وقد أبدى المتكلمون قسما سادسا للتقدم ، وهو تقدم بعض أجزاء الزمان على البعض ، كتقدم الأمس على اليوم ، فإنه ليس بالعلية وهو ظاهر ، لاستحالة اجتماعهما في الوجود ، وإلا لم يكن الزمان متقضيا (2)، فلا يكون الزمان زمانا ، ووجوب اجتماع العلة والمعلول فيه ولأن أجزاءه متساوية فيستحيل اختصاص أحدهما بالعلية والآخر بالمعلولية ، ولأنه لو كان المتقدم علة والمتأخر معلولا ، لوجب اختلاف حقيقتهما ، فيكون الزمان مركبا من أجزاء لا تتجزأ غير متناهية بالفعل ، وهو محال عندهم.

ولا بالذات لهذه الوجوه أيضا.

ولا بالشرف ، إذ لا يعقل شرف أحد أجزاء الزمان وخسة الآخر ، ولأن المتقدم بالشرف قد يجامع المتأخر ، ولأنه يستلزم وجود أجزاء الزمان بالفعل.

ولا بالرتبة الحسية ، إذ الزمان ليس من ذوات الأوضاع وهو ظاهر. ولا هو بمحسوس ، وإلا لم يشك في وجوده ، مع أن أكثر الناس نفاه ، واختلف مثبتوه في حقيقته.

ولا بالرتبة العقلية (3) أيضا ، (4) فإن هذا النوع من التقدم يمكن أن يجتمع

Bogga 259