والفرق ظاهر (1)، لأن الكثير هنا (2) وقع موقع السلب بعد «من حيث» ؛ فإنا إذا قلنا : الفرسية من حيث هي فرسية واحد أم ليس؟ كان الجواب : ليس الفرسية من حيث هي فرسية واحدا ، وهو جواب صحيح.
ولو قلنا : الفرسية من حيث هي فرسية واحد ، أو كثير ، فقلنا : واحد ، أو كثير ، لم يكن جوابا صحيحا. وكان الحق : ليست الفرسية من حيث هي فرسية ، واحدا ولا كثيرا لأن قولنا : ليست الفرسية من حيث هي فرسية واحدا يصدق مع كونه واحدا بخلاف قولنا : الفرسية من حيث هي فرسية كثير. فالفرسية من حيث هي فرسية ، لا يدخل في مفهومها الواحدية والكثيرية ، وإن وجب اتصافها بأحدهما ، لكن لا من حيث مفهوم الفرسية ، بل باعتبار ما ينضم إليها.
وإذا قيل : الإنسانية التي في زيد من حيث هي إنسانية ، لا تغاير التي في عمرو ، كان حقا. ولا يلزم منه أن يقال : فهما واحد بالعدد ، لأنا عنينا بهذا السلب «أن تلك الإنسانية من حيث هي إنسانية ، إنسانية فقط ؛ وكونها غير التي في عمرو شيء من خارج».
وإذا قيل : الإنسانية التي في زيد من حيث هي إنسانية ، هل هي التي في عمرو؟ فالجواب «ليس» قبل «من حيث» لأن قولنا : من حيث هي إنسانية أسقط اعتبار كونها في زيد (3)، لأنه قيد خارج عن الإنسانية من حيث هي إنسانية.
فإن قيل : الإنسان من حيث هو إنسان ، إذا كان موجودا في زيد ، فإما أن
Bogga 163