Dhammaadka Geesinimada ee Cilmiga Hadalka
نهاية الإقدام في علم الكلام
Noocyada
قالت الفلاسفة النظام في الوجود أو في العالم متوجه إلى الخير لأنه صادر عن أصل الخير والخير ما يتشوق كل شيء إليه ويتميز به وجود كل شيء والأول لما علم نظام الخير على الوجه الأبلغ في الإمكان فاض منه ما عقله نظاما وخيرا على الوجه الأبلغ فيضا تاما على أتم تأدية وذلك هو العناية الأزلية والإرادة السرمدية فكان الخير داخلا في القضاء الإلهي دخولا بالذات لا بالعرض ثم الشر على وجوه فيقال شر لمثل النقص الذي هو الجهل والعجز والتشويه في الخلقة ويقال شر لمثل الوجع والألم والمرض ويقال شر لمثل الظلم والزنا والسرقة وبالجملة الشر بالذات هو العدم ولا كل عدم بل عدم منقص طباع الشيء من الكمالات الثابتة النوعية والطبيعية والشر المطلق لا وجود له وكذلك الشر بالذات ليس بأمر حاصل إلا أن يخبر عن لفظه ولو كان له حصول لكان شرا مطلقا عاما ذاتيا موجودا وإذا تحقق له وجود فقد حصلت فيه خيرية من جهة وجوده إذ الوجود من حيث هو وجود خير فتحقق أن الشر المطلق لا وجود له إلا في اللفظ والذهن والوجود على كماله الأقصى أن يكون بالفعل وليس فيه أمر ما بالقوة أصلا فلا يلحقه شر وأما الشر بالعرض فله وجود ما وإنما يلحق ما في طباعه أمر ما بالقوة وذلك لأجل المادة فيلحقها الأمر يعرض لها في نفسها وأول وجودها هيئة من الهيئات المانعة لاستعدادها الخاص للكمال الذي توجهت إليه فجعلها أردى مزاجا وأعصى جوهرا لقبول التخطيط والتشكيل والتقويم فتشوهت الخلقة وانتقصت البنية لا لأن الفاعل قد حرم بل لأن المنفعل لم يقبل فربما يؤدي ذلك إلى أن يصدر من تلك البنية أخلاق رديئة وربما تستولي نفس حيوانية على نفس إنسانية فيصدر عن الشخص أفعال قبيحة واعتقادات فاسدة وأما الأمر الطارئ على الشخص من خارج فأحد شيئين أما ما يقع للمكمل وأما ما يصادم حق الكمال ومثال ذلك في النوع الإنساني العادات القبيحة التي يتربى عليه الصبي من أول نشؤه والاعتقادات الفاسدة التي يتعلم الصبي من المعلمين والأبوين وإلا فأصل الفطرة كان على استعداد صالح لولا المانع وعليه دلت الإشارات النبوية كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فالشر إذا داخل في القضاء الإلهي بالعرض لا بالذات إذا وقع فبالحري أن يجازي مجازاة الهلاك والفساد على وجود العلة العارضة فالباري تعالى مريد للخير إرادة بالذات إذ هو مصدر للخيرات ومريد للشر إرادة بالعرض وليس مصدر الشرور وانقسمت الأمور إذا توهمت موجودة إلى خير مطلق وإلى شر مطلق وإلى خير ممزوج بشر والأخير إما أن يتساوى فيه الخير والشر أو يغلب أحدهما أما الخير المطلق الذي لا شر فيه فقد وجد في الطباع وفي الخلقة وأما الشر المطلق الذي لا خير فيه والغالب أو المساوي فلا وجود له أصلا فبقي ما الغالب في وجوده الخير وليس يخلو عن شر فالأحرى به أن يوجد فإن لا يكون أعظم شرا من كونه فواجب أن يقتضي وجوده من حيث يقتضي منه الوجود لئلا يفوت الخير الكلي بوجود الشر الجزي وأيضا لو امتنع وجود ذلك القدر من الشر امتنع وجود أسبابه التي تؤدي إليه بالعرض فكان منه أعظم حالا في نظام الخير الكلي كمثل النار فإن الكون إنما يتم بأن تكون فيه نار ولن يتصور وجودها إلا على وجه تحرق وتسخن ولم يكن بد من المصادفات الحادثة أن تصادف النار ثوب فقير ناسك فتحرقه فالأمر الدائم والأكثر حصول الخير من النار أما الدائم فلأن أنواعا كثيرة لا تستحفظ على الدوام إلا بالنار وأما الأكثر فإن أكثر أنواع الأشخاص في كنف السلامة عن الاحتراق فما كان يحسن أن يترك المنافع الأكثرية لأعراض شرية أقلية فإرادات الباري تعالى الخيرات الكائنة على مثال هذه الأشياء إرادة أولية على الوجه الذي يصلح أن يقال أرادها بالذات وبالقصد الأول وأراد الشرور الكائنة غير أولية على الوجه الذي يصلح أن يقال أرادها إرادة بالعرض وبالقصد الثاني فالخير مقتضى بالذات والشر مقتضى بالعرض وكل يقدر ولو لم يقرر الأمر على ما قررناه للزم أن يكون مصدر الخير غير مصدر الشر وذاك مذهب الثنوية.
Bogga 89