Dhammaadka Geesinimada ee Cilmiga Hadalka
نهاية الإقدام في علم الكلام
Noocyada
والبلاغة عبارة عن اجتماع المعاني الثلاثة أعني الفصاحة والجزالة والنظم بشرط أن يكون المعنى مبينا صحيحا حسنا ومن المعلوم أن القرآن فاق كلام العرب بمحاورتها ومراسلاتها وخطبها وأشعارها فصاحة وجزالة ونظما بحيث عجزت عن معارضتها عجز من لم يقدر عليها أولا وآخرا لا عجز من قدر في الأول وعجز في الآخر وإلا لكانوا يعارضونه بما تمهد عندهم من الكلام الأول فالقرآن معجز من حيث البلاغة التي هي عبارة عن مجموع المعاني الثلاثة والعرب قد أحست من أنفسها أن القرآن خارج عن جنس كلامهم جملة وكذلك كل من كان له أدنى معرفة بالعربية يعرف إعجازه إلا أن البلغاء يعرفون وجوه الإعجاز فيه على قدر مراتبهم في البلاغة ومن كان أفصح وابلغ كانت معرفته أشد وأوضح كما أن من كان أسحر في زمن موسى كان علمه ومعرفته بإعجاز العصا أوفر ومن كان أحذق في الطب في زمن عيسى كانت معرفته بإعجاز إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص أكثر ومن كان أعلم في علم الطبيعة في زمن الخليل كان نفسه بإعجاز السلامة عن النار أشد وأصدق والاختلاف في وجوه الإعجاز لا يوهن وجه الإعجاز ولهذا لو اجتمع عند العالم بوجوه الإعجاز العلم بوجوه الحكم والمعاني الشريفة فيه كانت معرفته أكثر ولو ضم إلى ذلك العلم بوجوه تمهيد السياسات العامة والعبادات الخاصة والأمر بمكارم الأخلاق والنهي عن ذميمات الأفعال والحث على معالي الشيم والهمم كانت معرفته بالإعجاز في غاية الانتظام ونهاية الإبرام ومن ذا الذي يصل بفكره الضعيف وعقله الممير بمحاديات الوهم والخيال إلى الحكم المحققة في تركيب الحروف وترتيب الكلمات التي هي كالمواد والصور ومطابقتهما لعالم الخلق حتى ينطبق عالم الأمر على عالم الخلق وذلك العلم الأخص بالأنبياء عليهم السلام وهنالك تضل الأفهام وتكل الأوهام وتعود العقول البشرية عند الأسرار الإلهية هباء وتستحيل الحواس الإنسانية عند خواص الحكم الربانية عفاء " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله " ولقد قصر من قصد إعجاز القرآن في سورة طويلة وحصره في آيات مخصوصة انظر إلى أول آية نزلت كيف اشتملت على وجوه من البلاغة والحكم " إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق " فمن أراد أن يعبر عن تقدير الخالقية عموما لجميع الخلق في العالم ثم خصوصا للإنسان المطابق خلقته بخلقة العالم بأسره كيف يعبر عنه بلفظ أفصح منه بيانا وأوجز لفظا وأشرف نظما وأبلغ عبارة ومعنى ثم انظر كيف خصص اسم الربوبية في حال تربيبه وكيف عمم الخلق أولا ثم خصص وكيف ابتدأ خلق الإنسان من العلق حيث كانت مرتبته في حال قبول صورة الوحي مرتبة العلق من قبول صورة الإنسان إلى أن انتهى إلى البلاغ السابع من قبول جميع القرآن الرحمن علم القرآن خلق الإنسان كما ينتهي إلى المرتبة السابعة حتى يقبل علم البيان علمه البيان وكيف قرن إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم " فالحكمة في إقرأ وإقرأ أولا وثانيا وربك الأكرم أبلغ لفظا ومعنى من إقرأ باسم ربك ثم عمم التعلم ثم خصص الإنسان كما عمم الخلق ثم خصص الإنسان وكيف اجتمعت الفصاحة في ألفاظ بأسفار وجوه المعاني وكيف اقترنت بهذه الجزالة على قلة حروفها وخفة كلماتها من غير إخلال في الدلالة وكيف انتظمت بأشرف تركيب من حيث اللفظ وأوضح ترتيب من حيث المعنى وكيف لاحت فيها البلاغة برطوبة الألفاظ ومتانة المعاني حتى كأنها جمعت علم الأولين والآخرين من تقرير العموم والخصوص وتقدم الأمر على الخلق وإضافة الهداية والخلق إليه " تبارك الله رب العالمين " فتبين من هذه القرائن أن القرآن بجملته معجز وذلك في حق من لا يعرف دقائق البلاغة وحقائق المعاني وبعشر سور منه معجز في حق قوم وبسورة واحدة معجز في حق قوم وبآية واحدة معجز في حق قوم وتتقدر مقادير الإعجاز على قدر الدراية والتحقيق.
Bogga 160