Dhammaadka Geesinimada ee Cilmiga Hadalka
نهاية الإقدام في علم الكلام
Noocyada
قالت المعتزلة نحن لا ننكر الخواطر التي تطرأ على قلب الإنسان وربما نسميها أحاديث النفس إما مجازا وإما حقيقة غير أنها تقديرات للعبارات التي في اللسان ألا ترى أن من لا يعرف كلمة بالعربية لا يخطر بباله كلام العرب ومن لا يعرف العجمية لا يطرأ عليه كلام العجم ومن عرف اللسانين تارة تحدث نفسه بلسان العرب وتارة بلسان العجم فعلم على الحقيقة أنها تقديرات وأحاديث تابعة للعبارات التي تعلمها الإنسان في أول نشوه والعبارات هي أصول لها منها تصدر وعليها ترد حتى لو قدرنا إنسانا خاليا عن العبارات كلها أبكم لا يقدر على نطق لم نشك أن نفسه لا تحدثه بعربية ولا عجمية ولا لسان من الألسن وعقله يعقل كل معقول وإن كان يعرى عن كل مسموع ومنقول فعلم أن الكلام الحقيقي هو الحروف المنظومة التي في اللسان والمتعارف من أهل اللغة والعقلاء أن الذي في اللسان هو الكلام ومن قدر عليه فهو المتكلم ومن لم يقدر عليه فهو الأعجم الأبكم فعلم من ذلك أن الكلام ليس جنسا ونوعا في نفسه ذا حقيقة عقلية كسائر المعاني بل هو مختلف بالمواضعة والاصطلاح والتواطؤ حتى لو تواطأ قوم على نقرات وإشارات ورمزات لحصل التفاهم بها كما حصل التفاهم بالعبارات.
ومن الدليل على ذلك أن الله تعالى سمى تغريد الطير وأصوات الحكل ودبيب النمل كلاما وقولا حتى قال سليمان بن داود عليهما السلام " علمنا منطق الطير وقالت نملة وقال الهدهد أحطت بما لم تحط به " ومثل ذلك يجري مجازا في الجمادات أيضا " قالتا أتينا طائعين " " يا جبال أوبي معه والطير " " يسبح الرعد بحمده " ويعبر عن أحوال دلالاتهم على وجود الصانع بالتسبيح والتأويب وعن استعدادهم لقبول فعله وصنعه بالطوع والرغبة قولا وذلك كله يدل على أن الكلام ليس نوعا من الأعراض ذا حقيقة عقلية كسائر الأعراض بل نطلقه على النطق الذي في اللسان بحكم المواضعة والمواطأة والإنسان قد يخلو عنه وعن ضده وتبقى حقيقته إنسانيته فإنه إنما يتميز عن الحيوانات بصورته وشكله لا بنفسه أو عقله ونطقه وقوله وأنتم يا معشر الأشاعرة انتهجتم مناهج الفلاسفة حيث حددتم الكلام بالنطق النفسي كما حدوا الإنسان بقولهم الحيوان الناطق وجعلوا النطق أخص وصف الإنسان تميز به عن سائر الحيوانات وجعلوه الفصل الذاتي ويلزمكم على مساق ذلك أن تكون النفس الناطقة هي الإنسان من حيث الحقيقة والبدن يكون آلة وقالبا لها ثم يلزم منه أن يكون الخطاب والتكليف على النفس والروح دون البدن والجسد وأن يكون المعاد للأرواح والنفوس والثواب والعقاب لها وعليها وذلك طي لمسالك الشريعة وغي في مهالك الطبيعة.
قالت الأشعرية الذي يشعر به نفس الإنسان معان مختلفة الحقائق وراء التمييز العقلي والتصوير الخيالي فإن التمييز العقلي حكم جزم بأن الأمر كذا وأن الحق في القضية كذا والتصوير الخيالي تقدير ما سمعه من العبارة من العربية والعجمية كما ذكرتم وليس فيه حكم ونفي الأمر الأوسط وهو التدبير النفساني الذي لا يعدمه كل ذي عقل ونفس من الإنسان سواء عدم النطق اللساني أو لم يعدم.
Bogga 113