Nihayat Matlab
نهاية المطلب في دراية المذهب
Tifaftire
عبد العظيم محمود الدّيب
Daabacaha
دار المنهاج
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1328 AH
Goobta Daabacaadda
جدة
Noocyada
Fiqiga Shaaficiga
¬مطمئنًا لبراءته، فيروع الرشيدَ مرآه، ويعجب بمخايله، فيفسح له ليلقي بحجته، فيؤخذ ببلاغته وبراعته، ويدرك أنه من أهل العلم - فقد كان الخلفاء حتى ذلك العصر ممن يشتغلون بالعلم، ويدارسون أهله، ويحضرون مناظراتهم، ويحكمون بينهم.
ترك الرشيد القضيةَ، وخاض مع (المتهم) في ضروب من العلم، فوقع في قلبه، وكان محمد بن الحسن حاضرًا، فقال لمحمد بن الحسن: خذه إليك حتى أنظر في أمره، ووصله بخمسين ألفًا، فرقها الشافعي على مَنْ بباب الخليفة، قبل أن يبرح.
ويلوح لي أن (قرار الاتهام) كان أحدَ الأسباب التي لفتت نظر الرشيد إلى الشافعي، وجعلت اللقاء يجري على هذه الصورة، فقد روَوْا أن مَنْ رفع أَمْر الشافعي إلى الرشيد قال في (عريضة الاتهام): " إن فيهم رجلًا من ولد شافع المطلبي يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل بسيفه ".
المهم أن الشافعي نجا من القتل الذي سيق له!! والأهم أنه وجد نفسه في نفس اللحظة في معية محمد بن الحسن، ينزل عليه، ضيفًا في بيته!!
سبحان من له الأمر والتدبير!!
ماذا لو لم يذهب الشافعي إلى اليمن؟
وماذا لو ذهب إلى اليمن ولم يُقَيَّض له الحاسد الواشي ليتهمه؟
من كان سينقل الشافعي من اليمن إلى العراق؟ ومن كان سيصرف الشافعي عن العمل بالولايات والإدارات؟
إنها الأقدار. هيأت للشافعي أن ينتقل إلى العراق، وأن يلقى محمدَ بنَ الحسن، وأن يكون ذلك في سن النضج واستحصاد الخبرة.
أقبل الشافعي على حلقة محمد بن الحسن، يأخذ، ويدوّن، ويدارس، ويناقش، ويناظر.
لم يناظر محمد بن الحسن في أول الأمر، وإنما كان يناقش تلاميذه بعد أن ينصرف عن الحلقة، ولما علم بذلك محمد بن الحسن دعاه لمناظرته، فتردّد الشافعي حياءً وتقديرًا لمنزلة محمد وسنّه، ولكن محمد بن الحسن أصرّ؛ فكانت بينهما
المقدمة / 105