183

Nihayada Fi Gharib Al-Hadith Wal-Athar

النهاية في غريب الأثر

Baare

طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي

Daabacaha

المكتبة العلمية - بيروت

Goobta Daabacaadda

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

أَلْفَاظٌ ظاهِرُها الذمُّ، وَإِنَّمَا يُريدون بِهَا المدْح كَقَوْلِهِمْ: لَا أبَ لَكَ وَلَا أمَّ لَكَ، وهوَتْ أمُّه «١»، وَلَا أرْض لَكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَبَّابا وَلَا فحَّاشًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ المُعاتبة: تَرِبَ جَبِينُه» قِيلَ أَرَادَ بِهِ دُعاء لَهُ بِكَثْرَةِ السُّجود. (س) فأمَّا قَوْلُهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ «تَرِبَ تحرك» فقُتِل الرجُل شَهِيدًا، فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فرجُل تَرِبٌ لَا مالَ لَهُ» أَيْ فَقِيرٌ. (س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَئن وَلِيتُ بَنِي أمَيَّة لأنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّاب التِّرَاب الوَذِمَة» التِّرَاب جَمْعُ تَرْب تَخْفِيفُ تَرِب، يُرِيدُ اللحُوم الَّتِي تعَفَّرت بسُقوطِها فِي التُّرَابِ، والوَذِمَة المُنْقَطِعة الأوْذَامِ، وَهِيَ السُّيُور الَّتِي يُشَدُّ بِهَا عُرَى الدَّلْوِ. قَالَ الأصْمَعي: سَأَلَنِي شُعبة «٢» عَنْ هَذَا الْحَرْفِ، فقلت: ليس هو هكذا، إنما هو نَفْضُ القصَّاب الوِذَام التَّرِبَة، وَهِيَ الَّتِي قَدْ سقَطت فِي التُّراب، وَقِيلَ الكُروش كُلُّهَا تُسَمَّى تَرِبَة؛ لِأَنَّهَا يَحْصُلُ فِيهَا التُّراب مِنَ المَرْتع، وَالْوَذِمَةُ الَّتِي أُخْمل باطِنُها، وَالْكُرُوشُ وَذِمَة لِأَنَّهَا مُخملَة وَيُقَالُ لخَملها الوذَم. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَئِنْ وَلِيتُهم لأطَهِّرنَّهم مِنَ الدَّنَس، ولأطَيّبَنَّهم بَعْدَ الْخَبَثِ. وَقِيلَ أَرَادَ بِالْقَصَّابِ السَّبُعَ، والتِّراب أصْل ذِراع الشَّاةِ، والسّبُعُ إِذَا أَخَذَ الشَّاةَ قَبض عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ نَفَضَهَا. (هـ) وَفِيهِ «خَلق اللَّهُ التُّرْبَة يَوْمَ السَّبْتِ» يَعْنِي الْأَرْضَ. والتُّرْب والتُّرَاب والتُّرْبَة واحدٌ، إلاَّ أَنَّهُمْ يُطْلقون التُّربة عَلَى التَّأْنِيثِ. وَفِيهِ «أَتْرِبُوا الْكِتَابَ فَإِنَّهُ أنْجَح لِلْحَاجَةِ» يُقَالُ أتْربْتُ الشَّيْءَ إِذَا جَعَلْتَ عَلَيْهِ التُّرَابَ.

(١) أنشد الهروى: هوتْ أُمُّه! مَا يَبعثُ الصُّبْحُ غادِيًا ... وَمَاذَا يؤدِّي الليلُ حين يؤوبُ قال: «فظاهره أهلكه الله. وباطنه لله دره. وهذا المعنى أراده الشاعر في قوله: رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذى ... وفي الغُرِّ من أنيابهَا بالقوادحِ أراد: لله درها، ما أحسن عينيها. وأرد بالغرّ من أنيابها: سادات أهل بيتها. (٢) الذي في اواللسان: سألت شعبة ... فقال:

1 / 185