وأدرك مرتبكا أنه نسي أن يقفل الباب الخارجي، وحتى لم يعرف كيف يغلقه. وجاءت هي تساعده، وقالت له بعدما انتهيا من إغلاق الباب: لا تحدث صوتا.
وكان في غير حاجة إلى نصيحتها، فهو لم يكن يحدث صوتا ولا حسا، ولم يكن في الواقع يحدث أي شيء بالمرة، كان الموقف غريبا عليه تماما، لا لأنها متزوجة، فهو قد عرف في حياته ومغامراته كثيرات متزوجات، ولكنه كان يقابلهن في أمكنة أخرى غير بيوتهن.
ولم يكن ارتباكه لإحساسه بأنه ينتهك حرمة بيت أو شيء من هذا؛ فكلمات مثل حرمات البيوت والأربطة المقدسة لم يكن لها أي مكان في قاموسه الخاص. كل ما في الأمر أن الوضع كان غريبا عليه، وجديدا في الوقت نفسه. بل أكثر من هذا كان بعض التزايد في دقات قلبه مرجعه إلى أن غرابة الوضع قد استثارته أكثر، فها هو ذا لا ينال امرأة أوروبية فقط، ولكنه ينالها في ظروف جديدة مثيرة.
ودخلت بابا في نهاية الصالة يقابل الباب الخارجي، وفهم من هذا أن عليه أن يتبعها، وبينما كان يعبر الصالة بدأت أذنه تتلقف صوتا خافتا منتظما.
وتوقف وتسمع برهة، كان غطيطا ما في ذلك شك، غطيط صادر من الحجرة ذات الباب الموارب على اليسار، وابتسم في طفولة، فقد كان الغطيط رفيعا صغيرا منخفضا كغطيط القطط، لا بد أنه غطيط أحد أولادها.
وخرجت هي من باب الحجرة التي دخلتها، وقالت بصوت لم تحاول أبدا أن تحيله إلى همس أو تخفضه: لماذا لم تدخل؟ أهناك شيء؟ - أبدا، أبدا.
قال هذا وهو يستغرب، فالواقع أنها منذ أن دخلت الشقة تحولت إلى كائن آخر غير الذي عرفه. أصبحت تتصرف بحرية وبطريقة عملية وبجرأة، ربما لإحساسها أنها في بيتها، أما هو فلم يعد سيد الموقف أبدا، أصبح هو الذي ينتظر حركتها ليتحرك، أصبح هو المقاد الذي يتهيب أي شيء ويحدق في كل شيء، وكأن كل شيء يحدق فيه ويحاول ضبطه.
ودخلت الحجرة مرة أخرى، وبهياب أكثر دخل وراءها.
ومنذ أول نظرة كان واضحا أنها حجرة نوم، أو على وجه الدقة حجرة نومها بالذات، ففي جانب منها سرير ... سرير يستلفت النظر فعلا. فلا يستطيع الإنسان أن يعتبره سريرا لشخصين أو لشخص واحد، سرير بين بين، وكأنما صنع ليتسع لشخص ونصف شخص. وبجواره منضدة مزدحمة بآلاف الأشياء: أدوية ومنبه وأدوات تواليت وكتب وفرش وإبر تريكو وشفرات حلاقة وأشياء لا تخطر على بال. وبجانب الحائط المقابل كان هناك سرير أطفال على هيئة أرجوحة، وفي السرير طفل صغير لا تعرف إن كان بنتا أم ولدا.
وحين رأته يطيل النظر إلى السرير الصغير قالت: هذه فيولا الصغيرة، ستة شهور. - حقيقة؟
Bog aan la aqoon