غمغم لنفسه: عظيم! ها هي ذي تتحدث، وهذا شيء طيب. وابنها الكبير ست سنوات، معنى هذا أنها في حوالي الثلاثين، هذا شيء عظيم ... امرأة ناضجة خبيرة مستوفاة بكل معنى الكلمة.
وكان حريا بضمير درش أن يتحرك في هذه اللحظة فيذكره بأنه يحادث امرأة متزوجة وأما، وأنه يهدف من حديثه إلى أشياء يجب أن يتحرك لها الضمير. ولكن ضمير درش لم يكن يتحرك أبدا لمثل هذه الأشياء، فهو لا يؤمن بأي قانون يحكم هذا العالم إلا قانون ما يريده، ما يريده هو الحلال وهو الصواب. أما أن يكون ما يريده هذا بعيد المنال أو يمت إلى غيره أو إلى شيء من هذا القبيل، فتلك أمور لا تهم درش في قليل أو كثير. كل ما كان يفكر فيه في تلك اللحظة هو كيف يجعل الحديث يستمر ولا ينقطع.
قال لها: اسمحي لي، فقد تعتبرينني مرة أخرى متطفلا عليك، ولكن هذا شيء يحيرني، فالنساء عندنا في مصر لا يخرجن وحدهن في تلك الساعة المتأخرة من الليل.
وضحكت (وحين ضحكت اطمأن) وقالت: أبدا، كنت في الأوبرا مع صديقة لي.
وغمغم قائلا، وكأنما يداري خجله من سؤاله: ظننتك تعملين، والعمل هو الذي أخرك.
فقالت: عملي ينتهي في الثامنة.
وحملق فيها بعينين واسعتين وكأنما اندهش، وقال: أنت تعملين إذن؟
فقالت: طبعا. - شيء جميل. - أبدا شيء عادي جدا، معظم النساء يعملن هنا. - أعرف هذا ... أعرفه.
كان يردد الجملة الأخيرة وهو يفكر في سؤاله التالي، حين فاجأته قائلة: ولكنك بهذه الطريقة تبتعد عن فندقك كثيرا.
فابتسم وقال لها: لا يهم.
Bog aan la aqoon