العراق، واختص بمذهب، وخالف مالكًا ﵀ في كثير من مذهبه.
ويذكر أصحاب الطبقات أن ظهور المذهب الشافعي كان أولًا بمصر، وكثر أصحابه بها، ثم ظهر بالعراق، وغلب على بغداد وعلى كثير من بلاد خراسان، وتوران، والشام، واليمن، ودخل ما وراء النهر وبلاد فارس والحجاز، وبعض بلاد الهند ودخل شيء منه في إفريقية والأندلس بعد سنة ٣٠٠ هـ (١).
وكان الغالب على أهل مصر الحنفي والمالكي كما تقدم، فلما قدم إليها الإمام الشافعي انتشر بها مذهبه وكثر (٢).
قال ابن خلدون: (*) «وأما الشافعي فمقلدوه بمصر أكثر مما سواها وكان مذهبه قد انشر بالعراق وخراسان وما وراء النهر، وقاسم الشَّافِعِيَّةُ الحَنَفِيَّةَ في الفتوى والتدريس في جميع الأمصار.
وعظمت مجالس المناظرات بينهم، وشحنت كتب الخلافيات بأنواع استدلالاتهم. ثم دَرَسَ ذلك كله بدروس المشرق وأقطاره.
وكان الإمام محمد بن إدريس الشافعي لما نزل على بني عبد الحكم بمصر، أخذ عنه جماعة من بني عبد الحكم ... وأشهب وابن القاسم وابن
_________
(١) عن " الديباج "، و" الفوائد البهية ".
(٢) قال عبد القادر الطوخي في كتابه " قضاه مصر ": «إن عيسى بن المنكدر قاضي مصر قام في وجه الإمام الشافعي فقال: " دخلت هذه البلدة وأمرها واحد، ورأيها واحد، ففرقت بينهم "، يشير إلى مخالفة متبعيه لأصحاب مالك. فإن أهل مصر قبل وجود الشافعي كانوا لا يعرفون إلا رأي مالك لها، وفي نظر - لأن الحنفي كان معروفًا أيضًا عندم».
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) بتصرف يسير من المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، نقلًا عن " المقدمة " لعبد الرحمن بن خلدون.
1 / 71