الإسلامية كان يستغلها المستشرقون وأذنابهم للنيل من الشريعة الإسلامية الغراء.
وتأتي أهمية دراسة تاريخ التشريع من النواحي التالية:
الأولى: أنها توضح كيفية نشأة هذه المذاهب، وكيف ازدهرت وما هي الآفات الدخيلة عليها. فنحن نعلم أن الأئمة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - عاشوا في قرن واحد تقريبًا في بيئات متقاربة، فالإمام أبو حنيفة قد التقى بالإمام مالك في مدينة رسول الله ﷺ وافترقا عن صداقة حميمة وإعجاب كل منهما بصاحبه في علمه وورعه ودينه (١). كما أن الإمام الشافعي تتلمذ على يدي الإمام مالك من جهة وعلى يدي الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة، وكان يُكِنُّ لهما الإعجاب الكثير والاحترام الكبير، أما الإمام أحمد بن حنبل فقد تتلمذ أولًا على الإمام القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم كبير أصحاب الإمام أبي حنيفة ثم على يدي الإمام الشافعي وذلك قبل أن يستقل بمذهب خاص به.
فهؤلاء هم الأئمة كانوا على قلبٍ واحدٍ وعلمًا وغاية، وإن اختلفت الطرق التي أوصلتهم إلى مقصدهم الواحد ولم يكن اختلافهم عن تشهي وإظهار للذات بل كان ضرورة أملاها عليهم الدين والورع ونشدان الحق، ومع ذلك فقد اتفقت أصولهم التي عليها أسسوا فقههم وإن اختلفوا في الفروع.
_________
(١) انظر كتاب " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
1 / 6