حظ موفور، فأخذت منه مع غيره الكثير.
وفي هذا الكتاب الصغير في حجمه، الكبير فيما اشتمل عليه وجدت ما يعتمد عليه، وما يطمأن إليه، لأنه يرجع الكلام إلى مصادره، والحقائق إلى ينابيعها من غير تفريط، شأن العلام الثبت المنقب عن الحقائق خفيها وجليها.
١٥ - والكتاب يبتدئ بمقدمة موجزة في تاريخ الفقه الإسلامي، وينابيعه حتى يصل إلى أكبر الأئمة الأربعة وهو أبو حنيفة، فيذكر موطنه الذي ولد فيه وعاش وتلاميذه الذين تلقوا عليه، ويذكر البلاد التي شاع فيها مذهبه وإيثار أصحابه بالقضاء، ويتتبع البلاد التي انتشر فيها بلدًا بلدًا - يسترسل استرسالًا محكمًا دقيقًا في بيان ما يجري بين هذا المذهب وغيره من المذاهب الأربعة، ويتتبعه في المواطن التي انتشر فيها متقصيًا حتى يصل إلى البلاد التي يقل فيها، ويستعصي عليه أن يعرف نسبته فيها ومبدأ وجوده. فيقول ﵀:
«أما بدء دخول المذهب الحنفي في سائر البلاد فغاية ما وقفنا عليه من انتشاره في القرن الرابع ما ذكره المقدسي في " أحسن التقاسيم ". في كلامه في كل إقليم، ومنه يعلم أنه كان الغالب على أهل صنعاء وصعدة باليمن، والغالب على فقهاء العراق وقضاته، وكان منتشرًا بالشام. تكاد لا تخلو قصبة أو بلد من حنفي.
1 / 41