يجتاز الأندلس حتى يصل إلى وسط فرنسا أو أعلى من ذلك، وفي وسط أوروبا تترجم كتب المذاهب الإسلامية، وفي إنجلترا يترجم مثلها.
ولندع الذين يسمون بالمستشرقين وأكثرهم لغويون، وليسوا فقهاء، وأكثرهم يتعرضون للفقه على غير بَيِّنَةٍ، ومن غير سلطان من العلم، وبقلب لا يرجو للإسلام وقارًا بل يتتبع الأوهام ليجعل منها حقائق، يحرفون القول عن مواضعه، لندع هؤلاء فهم أعجز من أن ينالوا من هذا الدين الشامخ العظيم.
وإن المنصفين منهم عدد قليل. وهو يحاولون أن يفهموا الفقه الإسلامي كما هو، على أنه قانون إنساني عادل يصلح غذاء للمادة القانونية في هذا العالم.
وإذا كان ذلك الفقه العظيم يسير في طريق يضع المغرضون فيه الأشواء والأحجار في أوروبا لمنعوا أقوامهم عنه، فإن المؤتمرات القانونية استطاعت بإرشاد علماء المسلمين، وإرادات طلاب الحقائق، أن يقرروا إقرارًا متواضعًا بأن يعترفوا بأنه شريعة قائمة بذاتها صالحة للتطبيق ومعالجة أدواء العالم الاجتماعية.
وإذا كان القرار متواضعًا لا يخرج عن الصلاحية، فإن ابتداء له خط يسير فيه إلى الانتهاء. «وَأَوَّلُ الغَيْثِ قَطْرٌ ثُمَّ يَنْهَمِرُ».
1 / 27