Aragtida Horumarka iyo Asalka Aadanaha
نظرية التطور وأصل الإنسان
Noocyada
وبعض الناس يظن أننا نستنشق الهواء، ولكن هذا خطأ؛ فإننا ما زلنا كما كنا أيام سكنانا البحار نستنشق الأكسجين من الماء؛ فإن الهواء يدخل إلى رئاتنا فيلتقي الدم به، ويذوب الهواء في الدم فتستخرج رئاتنا الأكسجين منه على نحو ما كنا نفعل ونحن نعيش كالسمك في الماء.
وكذلك طعامنا لا يهضم إلا وهو سائل كالماء، فنحن لا نزال حيوانات مائية كما كنا منذ مئات الملايين من السنين، وليس لنا حيلة في اليابسة سوى هذه البشرة الجامدة التي تمنع تبخر رطوبتنا، ومما هو ذو دلالة أنه في حالة نزف كبير في الإنسان على أثر جرح - مثلا - لا نزال نستعمل ماء البحر المصفى، أو الماء الملح، بدل الدم المفقود.
وابتدأ الحيوان في جهة واحدة وتوازت أعضاؤه في جانبين منذ ظهور الدود، وبهذا الاتجاه كثر التخصص فظهرت الحشرات والقشريات (كالجنبري) والعناكب. والجهاز العصبي في الدود يجري على طول الجسم، وله عقد، حيث تتجمع القوى العصبية في مكان ما، وهناك ما يشبه أن يكون رأسا جامدا، والقلب مستطيل، وبين القلب والجهاز العصبي تجري القناة الهضمية، أما التنفس فمن الجوانب.
ثم ظهرت الحشرات ولها دماغ، وبعض أدمغة الحشرات؛ مثل دماغ النملة، يقول فيه داروين: «إنه أعجب ذرة في العالم، بحيث قد يكون أعجب من دماغ الإنسان».
وبينما الأحياء، بظهور الديدان والقشريات، كانت تحاول الخروج إلى اليابسة كان يجري تطور آخر في البحر بظهور الحيوانات الرخوة؛ كالمحار، ولم يكن ظهور المحار تقدما إلا من حيث اعتبار بيئته هو وحده، أما من حيث اعتبار أغراض الحياة العليا، كما نفهمها من العرض العام لجميع الأحياء، فإنه كان تأخرا؛ إذ إنه قد فقد أهم خطوة في التطور وهي الاتجاه، وتوازي الجانبين، فصار ينمو أحيانا كالشجر؛ أحد جانبيه أكبر من الآخر، وفقد بعضه القلب والرأس ولصق بعضه بالأرض كالمرجان.
وأعلى أنواع الحيوانات الرخوة هو الأخطبوط الذي يوشك أن يكون له هيكل عظمي، ثم ظهرت الحيوانات الفقرية؛ أي التي لها عمود فقري يحتوي على الحبل الشوكي ويحميه، وظهرت في البحر لأن الحيوانات الحلقية التي خرجت إلى اليابسة فصارت ديدانا وعناكب وحشرات لم يعد يرجى منها تقدم؛ فقد وقفت في هذا الطريق إلى الآن، وربما كان انطواء جسمها في قشرة جامدة هو الذي منع تطورها بأن أزال مرونتها. (رسم الإسكيديان، وهو حيوان ثابت فيه أول تلميح إلى حبل شوكي في مكان العمود الفقري، يرى فمه في أعلاه «أ» ومخرجه في اليمين «ب»)
وأول الحيوانات التي نجد فيها تلميحا إلى فقار الظهر هو حيوان الإسكيديان وحيوان الأمفيوكوس، وكلاهما مائي يعيش في البحار؛ فأولهما يشبه الزجاجة، له فم ومخرج، وبينهما حبل عصبي مستطيل هو الترسيم الأول للفقار، وهو ثابت في قعر البحر، وقد نشأ له جلد يشبه قشر الشجر.
أما الثاني فحيوان ضئيل لا يزيد على سبعة سنتيمترات، ولكنه طري ليس به شيء من العظم سوى غضروف في مكان فقارنا يمتد على طول جسمه، ووراء هذا الغضروف حبل عصبي، فهو بذلك أرقى من الإسكيديان، ولكن ليس له مخ أو قلب أو فقار أو عينان أو أذنان، ومما يدلنا على أن العظم كان في الأصل غضروفا، أنه لا يزال كذلك في بعض الأسماك؛ فإن القرش، الذي يكثر ويصاد في البحر الأحمر، خلو من العظم، ليس له سوى فقار من الغضروف.
والحيوانات الفقرية نشأت في الأغلب من الحيوانات الرخوة كالأخطبوط، بعد أن تطور جسمها إلى اتجاه أمامي مع تواز جانبي، لا من الحيونات الحلقية كالديدان والحشرات.
وبظهور العمود الفقري خطت الحيوانات خطوة كبرى؛ لأن الحيوانات الحلقية لم يكن في مقدورها أن تنشر في الهواء والماء واليابسة؛ فالمحيطات الكبرى من الماء لا يسكنها سوى الأسماك والقيطس، ولكليهما فقار، والجبال والسهول تعيش فيها الفقريات أيضا، حتى الهواء لا يمكن الحشرات الارتفاع فيه مثلما يرتفع العقاب، ولا يمكنها أن تهاجر على أجنحتها من قارة إلى قارة كما تفعل الطيور القواطع.
Bog aan la aqoon