وأيضا فالعلة في بيع المقاتي إن كان العدم فقد تقدم أنه ليس كل معدوم ممتنع بيعه بل يجوز بيع المعدوم بالنص في مواضع في لبن الظئر وفي الثمر البادي صلاحه وفي الإجارة فإذا كان الغائب من جنس الشاهد كفت رؤية أحدهما عن رؤية الآخر كما لو كان الصلاح قد بدا فيها كلها وإن كان الجهل بالقدر كبيع الجزاف جائزا* ولو اشترى الثمرة بعد بدو صلاحها وهي في أشجارها جاز هذا بالنص والإجماع مع أن خرصه يصيب ويخطئ كما يصيب ويخطئ في المقاتي والاعتبار في هذا بقدر الصواب فإنه يجوز بيع الرطب والعنب في شجره وخرصه ثابت بالسنة والإجماع ويجوز بيع سائر الثمار في شجرها وإن قيل إنه لا يمكن أو لا يشرع خرصها فمع التفاوت في الخرص جاز بيع الجميع وقد يكون خرص المقتاة أيسر من خرص كثير من الثمار إذا خرصت بتقدير تمام صلاحها فإنها إنما تشترى على ذلك التقدير.
وأما من يقول لا يشترى قط معدوم ويوجب قطع الثمرة كما يقوله أصحاب أبي حنيفة فأولئك يقولون لا يجوز أن يملك معدوم والمنافع في الإجارة عندهم لم يملكها المستأجر ولكن ملك أن يملك ولهذا لا تورث عنه لأنه إنما ملك عندهم ما وجب قبضه عقب العقد إذ لا يكون المملوك متأخرا عن العقد.
فنتكلم معهم في ذلك الأصل ونبين أن مقتضى العقود وموجبها ما تراضى به المتعاقدان من تقدم قبض وتأخر وأن من قال موجبها القبض عقبها فليس له على ذلك حجة سليمة.
فصل
فمنها نص أحمد في ابتياع ما في الذمة قسطا قسطا كل قسط بسعره
مثل أن يكون له عليه دنانير فيوفيه عنها دراهم شيئا بعد شيء فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدينار وقت القبض صح نص عليه أحمد وإن لم يفعلا ذلك ثم تحاسبا بعد فصارفه بها وقت المحاسبة لم يجز نص عليه أحمد لأن
Bogga 234